قلنا بالأمس إن الإخوان يصبّرون أهلهم وقواعدهم، بحفلات شتائم جماعية للرئيس ولمصر ولرموز الحياة السياسية، حتى يظل الشعور بالحضور على مواقع التواصل الاجتماعى وفضائيات تركيا وقطر موحيا بأن للجماعة قوة حتى ولو كانت قوة فى قلة الأدب.
على صفحات الإخوان تنتشر آراء وبيانات لتبرير قلة أدب الجماعة ونسائها وشبابها واعتمادهم طريقة سما المصرى التى استخدمتها ضدهم كأسلوب معارضة وحياة، يقول الإخوان: (البعض قال إن شتيمة السيسى ورموز السياسة بهذا اللفظ ليست من الأخلاق ولكنها ليست معصية أو مخالفة أو فحشا بالقول، والدليل الشرعى على ذلك فى موقف أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، عندما رد بالشتائم على بعض من أغضبوه، وقال الإمام ابن حجر فى شرح صحيح البخارى تعليقا على لفظ (امصص ببظر اللات) التى قالها الصديق، رضى الله عنه، وسكت عنها النبى، صلى الله عليه وسلم: «وفيه جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحق به ذلك».
شباب الإخوان الذين استخدموا قصة سيدنا أبى بكر للتغطية على لسانهم القذر، هم أنفسهم الذين رفضوا شتائم عبدالله بدر، وغضبوا منه حينما استشهد بنفس الكلمة لسيدنا أبى بكر، ورد عليه مفتى الإخوان عبدالرحمن البر رافضا سلوكه، مستشهدا بقول الإمام الغزالى: (إن السب والفحش وبذاءة اللسان مذمومة ومنهى عنها، ومصدرها الخبث واللؤم، والباعث عليها إما قصد الإيذاء، وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق)، مستطردا بتأكيد أنه حاشا لله أن يكون رجلا منتميا للتيار الإسلامى سببًا فى اعتياد الناس نطق الألفاظ الخارجة والشتائم، يتباهى الإخوان فى كتب التربية، وفى جلسات الأسر والشعب بأن حسن البنا مؤسس الدعوة وضع الأخلاق فوق كل شىء، وفى كتاب مواقف فى الدعوة والتربية ترد هذه القصة التى يستخدمها الإخوان للتدليل على عظمة البنا وحسن أخلاقه فى وقت الخلاف: (هاجمت صحف حزب الوفد الإخوان وشخص الإمام هجوما فاجرا يفتقر إلى أدنى مقومات شرف الخصومة، مستخدمة فى ذلك كل شؤون الكذب والافتراء، فإذا ببعض الإخوان يقوم بالرد عليهم بأسلوب يقترب من أسلوبهم، فغضب حسن البنا وكتب إليهم هذه الرسالة التى نشرت على صفحات جريدة الإخوان «حضرة المفضال رئيس تحرير (الإخوان المسلمون)، فقد قرأت ما كتب من تعليقات فى الرد على ما تنشره صحف حزب الوفد فلم أره يساير الأسلوب الذى ترتضيه دعوة الإخوان، ويتفق مع طابع الجريدة التى تنطق بلسانها، بل هو بالأساليب الحزبية والصحف التجارية أشبه وإليها أقرب، وكان الأخ الكاتب يستطيع أن يصل إلى كل ما يريد بعبارة قوية رصينة تحمل طابع النصيحة والحرص على قبولها والاستماع إليها، وتبتعد عن التشهير واللمز، وأين إذا فضل الدعوة وسمو الفكرة وجلال درجة العفو ومنزلة الكاظمين الغيظ، والاقتداء بسيد البشر– صلى الله عيه وسلم–«اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون»، ولهذا أرجو أن تحرص الجريدة كل الحرص على تخير الألفاظ، وانتقاء العبارات وتجنب النواحى الشخصية التافهة)، الاستشهاد بحسن البنا ليس تحسينا لأصل الجماعة أو منبعها، أو تدليلاً جديداً على تناقضات الجماعة أو ارتفاع مستوى الانتهازية فى دمها، بل هو تأكيد جديد على أن قيادات الإخوان لا تمانع أبدا فى أن تبيع حسن البنا وكتبه، وأن تشوه صحابة رسول الله وتخلع عنهم رداء عفة اللسان مقابل تحقيق مصلحة قريبة.. وغدًا نستكمل كيف سقط الإخوان فى هذا البئر.. بئر الوقاحة.. ولغة العاهرات.