بعد أيام من حركة المحافظين الجديدة مانزال أمام نفس الطريقة التى لا يبدو أنها تنتج جديدا. لم يكن الهدف فقط هو التخلص من بعض المحافظين الفاشلين والكسالى ليحل مكانهم وجوه جديدة تواصل إطلاق التصريحات والوعود، بل الهدف هو الخروج من الفوضى والتخلص من فساد المحليات. وأن تقوم المحليات والإدارات الهندسية بدورها فى العمل.
ما جرى أنه تم تغيير بعض الوجوه، لتأتى وجوه جديدة لكن العمل على قديمة، الإشغالات والاعتداء على الشوارع والأرصفة وإغلاقها، والتواطؤ مع موظفى الأحياء وأحيانا رؤساء الأحياء.
يحدث هذا فى القاهرة التى لاتزال أحياؤها تغر فى فوضى الإشغالات والاعتداءات على الشوارع والأرصفة، لا فرق هنا بين حى عين شمس أو حى المعادى، ولا بين دار السلام والمطرية، الزمالك والسيدة زينب، مع فروق فى الدرجة. ومعروف أن الأحياء تعمل فقط فى الشوارع الرئيسية، بينما الشوارع الفرعية منسية تغيب عنها الأحياء أو شرطة المرافق. هناك تواطؤ واضح وفساد بين وغياب للسلطة، الأحياء تواجه الإشغالات من المواطن العادى، لكنها تتواطأ مع المافيا والبلطجية والمسجلين والمزورين، والنتيجة ضياع حق المواطن العادى فى الشارع والرصيف، وحتى فى منزله. وحتى المرافق العامة مثل مترو الأنفاق لم تنج حرمها وأرضها من الاعتداء، رغما عن الأحياء أو بالاتفاق معها. فضلا عن عمليات الخلع والتركيب التى تجرى وتتكرر فى المناطق السليمة، بينما تغيب عن المناطق المظلومة البعيدة عن العيون، وربما يحتاج محافظ القاهرة إلى تحرك لاكتشاف الفوضى فى العاصمة، ويتعرف على مشاكل المواطنين مع المحليات.
ومن القاهرة إلى الجيزة، ويمكن توقع الباقى فى المحافظات الأخرى، بل أن الفوضى تتزايد خارج العاصمة. النتيجة أننا أمام رؤساء مدن وأحياء إما فاشلون أو متواطئون، لايقومون بواجبهم ولا مهامهم، ويكتفون بالفرجة على ما يجرى، أو أنهم مستفيدون من هذا الوضع، وبعضهم شريك للبلطجية والخارجين عن القانون.
ونعود لنؤكد أن مطالب الناس بحركة محافظين، لم تكن تعنى تغيير وجوه، لكنها مطالب بتغيير كامل فى طريقة الأداء، وتطبيق القانون على الجميع، والتخلص من الفساد، لأن المحليات هى أصل الداء، وأى تغيير لا يصل إليها، يعتبر بلاقيمة. وهذا الغضب من المواطنين بسبب الفساد والمحسوبية فى الأحياء، هو الذى يجعل من الصعب الشعور بتغيير حقيقى، بل أنه يضيع أية جهود تبذلها الدولة فى التنمية والبناء، لأن الفساد نتيجته أن يمنع من الشعور بالتقدم إلى أى اتجاه.