الفرق بين المنافسة والصراع أن المنافسة هى فعل مشروع بين البشر وبين المؤسسات وبين الدول فى الإطار المشروع والقانونى، فالمنافسة تثير الحمية وتقوى الهمة وتشجع على التعلم وتساعد على التقدم، ولذا فنتائجها إيجابية لكلا المتنافسين، بل للإنسانية كلها، فما الحضارة والتقدم والرقى غير نتائج لتلك المنافسة الإيجابية، أما الصراع فهو الصورة السلبية للمنافسة.فالصراع يبدأ بالإحساس بالقوة الذاتية التى ترفض الآخر، وهو يطلب دائما ما لنفسه ويسعى إلى ما يريد بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، وما الاستعمار بكل أفكاره وآثاره غير الصورة المظلمة لفكرة الصراع، فهل تحول المجتمع بكل مكوناته من التنافس المشروع الإيجابى إلى هذا الصراع الممقوت السلبى؟ وهل أوصلنا هذا الصراع إلى تكريس وتجذر وتغلغل فكرة رفض الآخر فى الضمير الجمعى إلى هذا الحد؟ فنجد الجميع يرفض الجميع، حتى وإن تم تجميل الصورة بكلام فارغ وشعارات بلا مضمون، فأصحاب الدين يرفضون أصحاب الدين الآخر باحثين عن تفسيرات مغلوطة ومستندين إلى تراث عفى عليه الزمن ومعتمدين على اجتهادات لا تسعى لغير مصالح خاصة على حساب المجموع، بل داخل الدين الواحد الرفض قائم ودائم بين اصحاب المذاهب والطوائف، متصوراً كل طرف أنه يمتلك الحقيقة المطلقة دون سواه، ناهيك عن تلك الأحزاب الورقية التى لا وجود لها فكل حزب يرفض الأحزاب الأخرى، متخيلاً أنه حزب حقيقى، وهو لم يصل إلى جمعية دفن موتى ومهزلة القوائم خير دليل، والأخطر أن هذا المرض قد وصل إلى العمود الفقرى لبناء أى مجتمع، وهو الأسرة، فبعض الآباء والأمهات والأبناء وصل رفض الآخر بينهم إلى التخلص الجسدى كل منهم للآخر، حتى أصحاب المهن الراقية والتى يطلق عليها كريمة المجتمع قد تحولت المنافسة المهنية الشريفة التى تعتمد على الاجتهاد والنجاح عندهم إلى صراع ممقوت يعتمد على الضرب تحت الحزام، ويصبح من الطبيعى أن ينسحب هذا على المجموع فنرى الرفض لأى شىء، ولكل شىء لمجرد الرفض وعدم القبول بعيداً عن أى معيار علمى أو سبب موضوعى، فقد أصبحت النظرة الذاتية والسعى وراء المصلحة الخاصة هى الوسيلة والهدف لأى شىء، وعندما تسيطر المصلحة الذاتية على حساب المصلحة العامة هنا نجد الأخلاق تتدهور والقيم تنهار والمبادئ تتوارى وتسقط، ويكون كل هذا فى غير صالح الوطن، فلا تجمع ولا توحد يأخذ بيد الوطن، فالمشاكل تتراكم والإنتاج ينحسر والاقصاد ينهار والأمن يسقط والحكومة تتشتت والحكم يتوه.فهل هذا المشهد المؤسف يصلح لهذه المواجهة وهذا الصراع المحتدم ضد الوطن من كل الجهات وعلى كل المستويات داخلياً وخارجياً؟ فتحديات الوطن الحادة وغير المسبوقة تحتاج التوافق الوطنى والتوحد المصرى وهذا لن يكون فى ظل هذه النظرة الذاتية، فلا حل غير الإيمان والاقتناع بقبول الآخر الدينى لأن الله هو الذى خلق الإنسان وكرمه، وهو الذى أوجد الأديان وعددها بنفس القيم وبذات المبادئ مع اختلاف الشرائع، الاقنتاع بقبول الآخر السياسى لأن المنافسة السياسية والانتخابية تعتمد على الأفكار السياسية والبرامج الحزبية التى تتوافق مع الجماهير فتختار ما تريد، إضافة إلى ظروف الوطن التى لا تحتمل أى صراع سياسى فاشل. الاقتناع بالآخر الاجتماعى لأن المجتمع هو الإطار الذى يتوحد فيه الجميع حول عادات وتقاليد وثقافة وأن تعددت ولكنها تصنع هوية لا يمكن غير التمسك بها. فهل نناقش الأفكار وندرس القرارات ونتمعن فى السياسات بموضوعية حتى نشارك فى اتخاذ القرار المناسب لصالح المجموع ولمواجهة ما نحن فيه من مصاعب وتحديات وحتى تكون مصر دائما لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة