تقول الأخبار الواردة عن الانتخابات البرلمانية المقبلة، إن الأحزاب والتحالفات دفعت بعدد كبير من أفراد العائلة الواحدة لتنافس على مقاعد البرلمان، وضربت المثل بحزب النور السلفى الذى أعلن عن أن نادر بكار، نائب رئيس الحزب، وزوجته، سيتصدران قائمة قطاع القاهرة، وأن حماه بسام الزرقا، نائب الرئيس، وزوجته أيضا، فى قائمة الصعيد.
أما عائلة الرئيس الراحل أنور السادات فدفعت بأربعة مرشحين، وعائلة الشهابى تصدرها الأب وابنه، وكذلك فعلت عائلتا البطران ورئيس نادى الزمالك.. حتى أصبحنا أمام طغيان النبرة العائلية على الانتخابات البرلمانية.
ماذا يعنى هذا؟
فى تقديرى أننا مازلنا لم نع بعد ما هو الحزب السياسى، وأننا لم نخرج من دائرة القبيلة القديمة إلى رحاب الدولة الحديثة، الأمر الذى يضرب العمل السياسى الناجح فى مقتل، وكلنا يذكر كيف حاول الرئيس المخلوع مبارك أن يورث ابنه حكم مصر، كما رأينا فى زمن الحزب الوطنى المنكوب كيف كانت العائلات- خاصة فى الصعيد- تسطو على البرلمان.
لا ريب أن علاقتنا بالسياسة مازالت فى طورها الأول، وأن إدراكنا لضرورة تأسيس حزب على أسس صحيحة مازال ضعيفا للغاية، فالحزب هو أعلى درجة وعى سياسى لطبقة معينة يلتف أعضاؤها حول مصالح مشتركة، ودفاعًا عن هذه المصالح يتقدم قادة هذه الطبقة ومثقفوها والمؤمنون بمصالحها.. يتقدمون الصفوف ليؤسسوا حزبًا سياسيًا يضع برنامجًا محددًا يستهدف الذود عن أهداف هذه الطبقة ويطمح فى الوصول إلى السلطة لتنفيذ برنامجه.
هل العلائلات التى رشحت نفسها للبرلمان تعبر عن مصالح طبقات معينة؟ وما هى؟ وهل تأمل خيرًا فى برلمان يصدر التشريعات الذين دخلوه الآباء والأبناء وأولاد العم والخال؟
اللافت للنظر أن البرلمان فى العهد الملكى كان يتكئ أيضا على فكرة العائلات هذه، وكانت تناسب العصر فى ذلك الزمن البعيد، لذا رأينا- آنذاك- بعض العائلات تدفع بأبنائها إلى البرلمان وتنجح فى خطف عدد من المقاعد، لكن أن نظل أسرى هذا المنطق القديم، فهذا يعنى أننا لم نتقدم إلى الأمام فى مسألة الوعى السياسى.
ترى.. متى نخرج من خندق العائلة إلى فضاء الدولة؟