كيفية تغيير المعادلة السياسية بطرح منطقى قابل للتطبيق بأقل قدر من المخاطرة فى حد ذاتها أحجية واجب أن تفك رموزها بتأنٍ، وإلا انقلبت على اللاعب الشريف، فإما أن يستمر هذا السيناريو وصولا إلى مواجهة عسكرية مباشرة ومحتملة بين روسيا وكوريا الشمالية وسوريا، وقد تكون الصين «احتمال غير قوى» من ناحية، وبين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة أخرى، مما ينذر بحرب شاملة، ونتائج كارثية على الجميع، أو يظهر لاعب جديد لتغيير المعادلة بكاملها، فكانت ثورة يونيو 2013 فى مصر لتفرض أسلوبًا وشكلًا جديدًا فى الحرب الدائره، ليكون هذا التحرك غير المتوقع ليرسى قواعد جديدة.
أولًا: تحويل المواجهة من مواجهة عسكرية إلى مواجهة مخابراتية، وهو ما حمى مصر والخليج وروسيا من ويلات الحروب. ثانيًا: الحفاظ على دول الخليج من مصير كان محتومًا، وهو السبب الرئيسى، وليس الوحيد وراء الدعم السعودى غير المسبوق فى عهد الملك عبدالله، رحمه الله، والإمارات فى ظل روابط شعبية وسياسية وثيقة مع مصر فى دعم ثورة يونيو لأنها حائط الصد الحالى والمستقبلى. ثالثا: تغيير الاستراتيجية الروسية من المواجهة العسكرية المباشرة، بما تحمله من مخاطر وفواتير باهظة، إلى مواجهة سياسية واقتصادية، فيقوم بوتين بضم إقليم القرم لروسيا بتصويت نيابى، وقطع على الغرب جغرافيًا طريق خط الغاز القطرى التركى.
الخلاصة.. بات من الواضح أن هناك تنسيقًا أمنيًا بين القاهرة وموسكو على الأقل، وكما هو معلن على صعيد الحرب على الإرهاب، ولعل هذا التعاون كان قد بدأ منذ مرحلة سابقة على إعلانه بالتزامن مع زيارة بوتين للقاهرة، إلا أن الرسالة كانت جلية لواشنطن حتى على صعيد التذكارات التى تبادلها الرئيسان عقب الانتهاء من عشاء برج الجزيرة الذى يطل على السفارة الأمريكية من علٍ «بُنى بأموال أمريكية على سبيل الرشوة التى رفضها ناصر»، فكان التذكار المصرى «خرطوشة» فرعونية بالكتابة الهيروغليفية قد يراها البعض- والكاتب منهم- أنها رسالة ترحيب بالروس مرة أخرى فى مصر والمنطقة بعد طول غياب منذ 44 عامًا قضتها مصر تحت سيطرة الولايات المتحدة وهيمنتها، وبانتصار سياسى لواشنطن فى الحرب الباردة حين صارت راعية معاهدة كامب ديفيد والسلام «الزائف» فى المنطقة، وكان التذكار الروسى هو بندقية «كلاشينكوف» سريعة الطلقات لتكون تأكيدًا على أن موسكو تمنح مصر قوتها الضاربة الأبرز، وترحيبًا بالعودة إلى المجال الحيوى المصرى، وتؤكد لواشنطن أنها عادت للمربع رقم صفر مرة أخرى، أى قبل 44 عامًا مضت.
طبقًا لتعريف العدوان الذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ديسمبر 1974 والفقرة «ز» من المادة الثالثة، فإن النظام القطرى الذى يساعد الميليشيات والتنظيمات المسلحة فى ليبيا يقترف عملًا عدائيًا تجاه سيادة الدولة، ويصبح للجيش الليبى حق الرد، كما أن نفس النظام القطرى يمارس ذات الفعل بتمويله جماعات إرهابية تعمل على زعزعة أمن واستقرار البلاد فى مصر، مما يعد طبقًا لنفس التعريف ومواده، وهنا يصبح لمصر حق الرد بالشكل والأسلوب، وفى التوقيت المناسب.
ولما كانت ثورة 30 يونيو تشكل حراكًا سياسيًا مضادًا للمشروع التوسعى التركى تحت قيادة إردوغان، بل هدم المتبقى من حلمه بالانضمام للاتحاد الأوروبى، فكانت تحركاته العدائية تجاه سيادة الدولة السورية بدعم الميليشيات المسلحة فى سوريا والعراق، متعاونًا مع النظام القطرى، كما قدم الدعم المعلوماتى لنفس التنظيمات فى مصر وليبيا، مما يجعل الدول العربية الأربع من حقها أن تقدم ما لديها أمام مجلس الأمن، واتخاذ اللازم من إجراءات الدفاع والتصدى للعدوان عليها من قِبَل التحالف القطرى التركى، بل العمل على خلق تحالف عربى لصد هذا العدوان بما لا يتنافى مع مواثيق الأمم المتحدة، أو الجامعة العربية، واتفاقية الدفاع المشترك التى سبق أن فُعلت تجاه النظام العراقى فى مطلع تسعينيات القرن الماضى.
أخيراً إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحارب تنظيم «الدولة الإسلامية» بشكل عام، إذًا، لماذا لا تقوم بمحاربته فى ليبيا؟! أم أن الهدف هو ضرب سوريا؟!، وهو ما يضع واشنطن داخل دائرة المساءلة، كما يطرح نفس السؤال حول عدم دعمها للقاهرة فى حربها الدائرة على الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء، خاصة أن تنظيم «أنصار بيت المقدس» قد أعلن ولاءه وبيعته لتنظيم «الدولة الإسلامية» الذى تدعى أمريكا محاربته!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رضاك ياالله
تغير موازين القوى