حين يأتى الحديث عن انتخابات مجلس الشعب 2010 أمام أى مسؤول فى زمن مبارك، سنجد من ينفض يديه منها، ومن يتحدث عنها معتذرا، ومن يحيل التزوير الذى جرى فيها إلى أنها «تزوير أهالى وتراث عند المصريين»، لكن المثير فى كل ذلك أننا لا نجد حتى الآن من يعلن اعترافه عنها، لم نجد الذين أداروها وصمموها على مقاسهم الخاص يقولون إنهم فعلوا ما فعلوا فيها، وحتى المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطنى وقتها ومهندس الانتخابات الفعلى يحاول أن يجد مبررا لما حدث فيها، فمرة يتحدث عن خطأ إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات، ومرة يتحدث عن أن تزوير الناخبين، ومرة يتحدث عن أنه لم تكن كل اللجان الانتخابية فيها كل هذا التزوير الذى حدث فى لجان بعينها، الخلاصة أننا أمام حالة يريد المسؤولون فى نظام مبارك إقناعنا بأننا كنا فى انتخابات يديرها رجال هبطوا من الفضاء ثم عادوا إليه.
من السهل استدعاء عشرات بل مئات الوقائع من هذه الانتخابات لتذكير المهندس أحمد عز، وللتأكيد على أنه كان مهندسها الفعلى فى التزوير، وللتأكيد على أن دخوله ودخول جمال مبارك، ودخول حزبه إليها كان على قاعدة «التزوير مع سبق الإصرار والترصد»، والدليل على ذلك يأتى من تصميمه وتصميم جمال مبارك على إجراء التعديلات الدستورية لإلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات، بعد أن أشرف عليها دورتين جرى فيها توفير حدود معقولة من النزاهة فى التصويت والفرز مما أدى إلى نجاح نواب من المعارضة بحق، وسقوط العشرات من نواب الحزب الوطنى الكريه.
وبالطبع فإن ذلك لم يعجب الدائرة الحاكمة والمتنفذة فى نظام مبارك وفى مقدمتهم أحمد عز وجمال مبارك، فأقدمت هذه الدائرة على جريمة تعديل الدستور وإلغاء الإشراف القضائى، والحقيقة أنهم فعلوا ذلك حتى تنتهى الانتخابات إلى ما انتهت إليه، وأى قول غير ذلك هو كذب وتزييف لم يعد يخيل على أحد، لأن الجريمة كانت أمام الجميع ومازالت وقائعها حاضرة فى الذاكرة، ولا ينس المصريون أبدا كم الغرور الذى كان عليه أحمد عز يوم الانتخابات، وبالرغم من أن أصوات إعلامية قريبة من دوائر النظام حاولت تقديم النصح له وقتها إلا أنه مضى فى السيناريو الذى صممه مسبقا، مما أدى إلى انسحاب حمدين صباحى، وانسحاب حزب الوفد بالإضافة إلى انسحاب الإخوان، وأصبح النظام فى مأزق كبير.
وفى هذه القضية علينا الالتفات إلى أن هناك من يريد أن يلخص جرائم نظام مبارك فى جريمة تزوير انتخابات 2010، على أساس أنها ملف ينفصل عن باقى الملفات السياسية والاقتصادية، بمعنى أنه بينما كان هناك تزوير فى الانتخابات، كان هناك تقدم فى الملفات الأخرى الاقتصادية والسياسية، وتلك كذبة كبيرة وخطيرة يجب الانتباه إليها.
جرائم نظام مبارك ممتدة فى تدهور التعليم والصحة والخدمات والفساد المالى والخصخصة، ونهب الأراضى، وغيرها من الجرائم التى لا حصر لها، جرائمه فى أغلبية عاشت فى فقر إلى درجة أن هناك من كان لا يجد الفتات، وبعد كل ذلك كان يتم تزييف إرادة المصريين فى الانتخابات، وهذا هو عصر مبارك الحقيقى ولن يستطيع أحد ممن يحاولون تجميله.