إقرار واقع: سلفى أو إخوانى أو ليبرالى أو علمانى أو يسارى أو زبون كباريهات أو عابر سبيل، أو حتى منتمٍ إلى فئة «اللى مالهموش فيها»، ستجد نفسك مضطرًا للاعتراف بأن الرقص الشرقى ليس مجرد فن له طعمه الخاص فى مصر دونًا عن بلدان العالم، بل هو أسلوب حياة حصرى لأبناء المحروسة فقط.
لا فرق بين رقصهن، أى الراقصات، أو رقصهم، أى أهل السياسة والإعلام، التعريفات الشعبية تقول بذلك.. تقول إنه لا فرق بين راقصة تهز وسطها فوق المسارح بحثًا عن «النقطة»، وراقصين تتمايل كلماتهم، وترتعش تعبيراتهم فوق المنصات، وداخل الاستديوهات بحثًا عن رضا الكبار، أو تطوعًا لتلميع وجوههم طمعًا فى «نقطة» قادمة.
الأزمة ليست فى الرقص على الإطلاق، الرقص كما قلنا فن يكره المتشدد مشاهدته علانية، لكنه يستمتع به منزليًا، ويراه البعض الآخر تأكيدًا على حرية المرأة، بينما ينظر له آخرون كأنه مهنة نسائية كادحة، مثلها مثل باقى المهن، وقبل هذا وذاك وهؤلاء، تراه بعض العيون بأنه الوسيلة الأسرع للوصول إلى القمة، بينما العيون الأخرى ترى أن الرقص على المصريين حق لن تمنعه قوانين، ولن تحرمه نصائح، ولذا تجتهد تلك العيون فى التفرقة ما بين المبتذل منه، وما بين الفن الحقيقى.
البعض يربط ذلك بالزمن، يقول إن زمن الراقصات الجميل أفرز زمنًا أجمل من الرقص السياسى، بينما زمن راقصات «التت» و«الدلوعة» أفرز سياسيين على نفس المستوى.. وبشكل أدق يقول إن النفاق والتلاعب السياسى مثلهما مثل هز الوسط والرعشة جزء أصيل من الحياة المصرية، البعض يؤديها بشكل محترف، والبعض الآخر يبتذل نفسه من أجل وصول أسرع وللوصول إلى معنى أكثر دقة من كل ما سبق، يمكنك أن تقارن بين أداء تحية كاريوكا وبين ابتذال سما المصرى، وبين أداء الشيخ الغزالى وأداء عبدالرحمن عبدالبر ومحمد الصغير، وبين أداء كمال الشاذلى وأداء أحمد عز، وبين أداء أهل الإعلام المحترم وأهل الإعلام الباحث عن رضا السلطة، أو ما تجود به جيوب رجال الأعمال.. هل اتضحت الرؤية؟!
لم تتضح بعد، يبقى منها الجزء الأهم، وهو كيفية تصرف السلطة مع الراقصين من سياسييها وإعلامييها؟، وللإجابة عليك العودة إلى قول الشاعر: يهوى الثناء مبرز ومقصر.. حب الثناء طبيعة الإنسان، وفى حديث المقداد رضى الله عنه، أن رجلاً جعل يمدح عثمان رضى الله عنه، فعمد المقداد، فجثا على ركبتيه، فجعل يحثو فى وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا فى وجوههم التراب». والمقصود بذلك أن يعمل الممدوح أو السلطان على أن يجعل المنافق لا يجنى من حصاد مديحه سوى الخيبة والحرمان، بينما قال آخرون إن المقصود هو أن يأخذ السلطان أو الحاكم التراب بيده وينثره فى وجه المنافق، بينما القول الثالث فى شرح الحديث يقول إنه على السلطان أو الحاكم أو الممدوح أن يأخذ التراب بين يديه حتى يتذكر أن مصيره إلى التراب، فلا يطغى عليه نفاق المنافقين.. سيادة الرئيس لا تكتفى بمشاهدة الرقصة، امنعها أو رد «رعشة» أصحابها إلى قلوبهم خوفًا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمدين
إما دولة قانون أو لا دولة ........................