1
إقرار واقع:
الطبيب: سمنك فى الأكل كتير؟
المريضة «مزة الإعلان»: لأ
الطبيب: ولا قليل؟
المريضة «مزة الإعلان»: برده لأ
الطبيب: قومى جربى «النخلتين» الحب يرجع فى أكلتين
لم يكن الإعلان الرمضانى الشهير سوى صيغة مختلفة لإقرار حقيقة المثل الشعبى القائل بأن أقصر طريق إلى قلب الرجل معدته..
(1)
النخبة: هل تعرف ما هى الممارسات الديمقراطية؟
المواطن: لأ
النخبة: ولا تذهب أبدا إلى المشاركة فى الانتخابات والاستفتاءات؟
المواطن: لأ
النخبة: قوم جرب المشاركة.. أقصر طريق إلى الديمقراطية ينتهى بصندوق الانتخابات.
الحوار السابق ليس تخيليا، ولا يمكنك أن تعتبره مجرد محاكاة لإعلان شهير، بل هو أصل العقدة الدرامية للوضع المصرى القائم على نخبة وقوى سياسية، لا تكل ولا تمل من دعوة البسطاء للمشاركة فى الحياة السياسية، وحينما يتقدم البسطاء خطوة للأمام، ويطرقون باب المشاركة فى عملية انتخابية، لا تأتى تفاصيلها على هوى النخبة أو القوى السياسية أو بعض النشطاء، تتبخر كل النصائح الخاصة بالممارسة الديمقراطية وحرية الرأى والتعبير، ويتحول البسطاء إلى مادة للسخرية والشفقة، ثم إلى شماعات يستخدمها الخاسرون لتبرير ضعف موقفهم.
(2)
فى اللغة الفصحى يقولون «المبالغة»، واللفظة هنا «أشيك» من أن تستخدم فى وصف الوضع الهزلى الذى صاحب عملية الاستعداد للانتخابات، ولذلك ينصح باستخدام المفردة العامية «الأفورة» أو التعبير الشعبى «الابتذال ملأ الشوال»، لكى تصف حال الفضائيات والقوى السياسية والحزبية وهى تتعامل مع استعداد الأحزاب للانتخابات البرلمانية القادمة، وتصدر جهل المواطن المصرى وخوفهم من استغلاله فى الانتخابات قبل أن تصدر للرأى العام فشلهم فى تجهيز مرشحيهم وقوائمهم الانتخابية.
المجتمع المصرى انقسم إلى 3 قطع.. الأولى: جسدها هؤلاء المبتذلون الذين بلغوا أقصى حدود «الأفورة» فى أن كل شىء تمام والأحزاب تمام وقوائمها تمام والمشكلة فى الشعب الذى لم يتعلم الديمقراطية بعد، والقطعة الثانية: جسدها الإخوان بدعوتهم للمقاطعة وتفرغهم للسخرية من المصريين، وإطلاق الشائعات والأكاذيب وتزوير الحقائق لتشويه صورة الانتخابات القادمة، أما القطعة الثالثة يجسدها بعض من النشطاء والنخبة المثقفة الذين اشتهروا بين الناس بدعوتهم للديمقراطية، وقداسة حرية الرأى والتعبير، ثم تم ضبطهم متلبسين بالسخرية من المواطنين الذين يريدون للانتخابات أن تتم لمجرد أن مرحلة التحضير الانتخابى بكل تجاوزاتها وابتذالها لا تأتى على هواهم.
المشاهد الحزبية التى يقودها ساويرس والبدوى وسيف اليزل والنور والفضالى مصبوغة بالابتذال إلى ذلك الحد الذى يدفعك لكراهية العملية كلها، ولكنها لا يجب أن تدفعك أبدا للسخرية من الناس، وكراهيتهم، وترديد نغمة الخائبين الشهيرة: البسطاء فقراء وجهلة، لأن العزف على هذه النغمة سيتبعه سؤال ولو بعد حين، عن عمرك السياسى فيما أفنيته، إن كنت قد فشلت فى التأثير على البسطاء أو تعليمهم أو التواصل معهم؟
(3)
السؤال الذى سيبقى بعد أن تنتهى حفلة السخرية من البسطاء هو: حضرتك راجل ليبرالى وديمقراطى وحاجات كتير فوق بعض، ولا تشعر بالرضا عن ممارسات الدولة الأخيرة، وأنا مثلك تماما.. هل يمكن أن تخبرنا: لماذا تستبدل هجومك على الأحزاب الفشلة والضعيفة بالسخرية من الناس التى تجعل منها شماعة عودة الفلول أو اختيار النائب الخاطئ، لماذا تسخر من الناس وتصفهم بالجهل وتجعلهم عبيدا لمجرد أنهم يخالفونك الرأى؟ أين ذهب كل كلامك عن الحرية وتقبل الآخر؟.. ألا ترى أن ما تمارسه تجاه الناس فى الشوارع هو التجسيد الحقيقى لمعنى احتقار الآخر؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة