صدمتنى زميلة «يسارية» مما طالبت به فى صفحتها على الـ«فيس بوك» بترحيل الإعلامية المحترمة «ليليان داود»، الزميلة كتبت: «تأتون إلى مصر، تنعمون بخيرها ثم تطعنونها بخناجركم، ارحلوا عن مصر».
أثارتنى الكلمات، ليس من باب أن صاحبتها عضو فى حملة الهجوم على «ليليان»، فنحن فى زمن لم يعد يفرق فيه البعض بين «الألف وكوز الدرة» كما يقول المثل الشعبى، وإنما لأن الزميلة «يسارية»، وبالأدق من فصيلة «يسار رفعت السعيد» الذى وصفه ثروت أباظة يوما بأنه «الشيوعى الأبيض» على أثر عشرتهما سويا فى مجلس الشورى أيام مبارك.
قال «ثروت» وصفه وترك للباقى مهمة التفسير فى معنى «الشيوعى الأبيض»، هو الذى لم يعد يرى فى الثورة الأممية بد؟ هل هو الذى أصبح يرى الطبقة العاملة «شوية جرب» لا يستحقون تبديد العمر فى النضال؟ المهم أن ثروت أباظة رحل لكن وصفه بقى عنوانا على هؤلاء الذين كانت مهنتهم «يسارى» فيتحدثون بلسان اليسار أحيانا، ويفعلون كل ما يفيد اليمين دائما.
أذكر أننى ذهبت فى نهاية ثمانينيات القرن الماضى إلى لطفى الخولى فى مكتبه بمؤسسة الأهرام لإجراء حوار صحفى معه باعتباره من كبار رموز اليسار، وكان الاتحاد السوفيتى فى طريقه إلى الانهيار، وكانت «بيروسترويكا» جورباتشوف تشغل العالم، وسألته عن حال اليسار فى مصر فى ظل هذه التحولات، فلف ودار بكرسيه المتحرك، ثم أجاب: «زفت، زفت، زفت، كان الكرملين قبلتنا ووجهتنا، والكل يمسك قلبه خوفا من ضياعه، أين ستكون وجهتنا وقبلتنا؟»، وفيما بعد أخذ لطفى الخولى السكة من قصيرها وذهب إلى إسرائيل وبعد أن كان صقرا ضد التطبيع، أصبح صقرا فى الدعوة إليه.
العلاقة بين ما ذكره لطفى الخولى، وثروت أباظة وما يفعله فريق من اليساريين حاليا مع «ليليان دواد» هى علاقة واحدة تعبر فى جانب منها عما يفعلونه فى مجمل قضايا الوطن والتى يتعاملون معها بالقطعة، وفى ظل مسار رئيسى لهم أصبح لا يفرق على أرض الواقع بين «الألف وكوز الذرة»، ودعك من أحاديثهم حول التناقضات الرئيسية والتناقضات الثانوية، والعدو القريب والعدو البعيد، والتحالف التكتيكى والبعد الاستراتيجى، وغيرها من تلك المصطلحات التى تعطى المبرر لأى فعل وكل فعل.
يحدثك هؤلاء عن «التنوير» لكنه «التنوير» الذى يتم تفصيله على مقاسهم فقط، ولا تحتاج إلى أى جهد فى إثبات أنه «لا يضىء»، ومن باب التنوير لو عبر أحد غيرهم - مجرد تعبير - عن التعاطف مع «أحمد دومة» أو «علاء عبدالفتاح»، يكون نصيب صاحب هذا التعاطف أنه: «ابن ستين فى سبعين» و«خائن وعميل» و«إخوانى مستتر»، ولو عبرت «ليليان» عن شىء من هذا التعاطف تكون هى «التى جاءت إلى مصر، وتنعم بخيرها ثم تطعنها بخناجرها»، ولابد لها أن تلم ثيابها فى حقيبتها وترحل من حيث أتت، لأن مصر التى آوت طوال تاريخها شخصيات من كل لون وصنف لم تعد تتحملها.
الحقيقة أن الأصوات اليسارية التى تحتشد ضد «ليليان داود» هى تعبير عن خيبة ثقيلة لهؤلاء المهزومين تاريخيا، فلا تصدقوهم فى أى شىء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد لطيف
معك حق
انا من المتابعين لكل مقالاتك ومعك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
م.محمود
الست ليليان دافيد
عدد الردود 0
بواسطة:
سامى حسن
أصيبت وأنت معك كل الحق فيما أسردت وأجزت
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم جرجس
ليليان ليست الا انسانة محترمة ومهنية
عدد الردود 0
بواسطة:
Alaa Shaalan
ليليان داوود
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد صعيدى
شىء طبيعى / الوطنية قناع لأشياء اخرى
عدد الردود 0
بواسطة:
ميدوووو
مصرى
عدد الردود 0
بواسطة:
م حسين عمر
احيا استاذ سعيدلدفاعك عن المجترمة القدسرة ليليان داوود
عدد الردود 0
بواسطة:
متابع من الخارج
ليه لا