هل مطلوب منا أن نعرف نحن البشر ما يحدث فى عالم الحيوان؟
أجل.. مطلوب.. ومطلوب بشدة، لأن حياتنا تشبه كثيرًا ما يجرى فى دنيا الحيوانات، ولأن صراعاتنا واختلافاتنا هى انعكاس –بشكل ما– لما يدور فى الغابات والمساحات البرية. كما أن تراحمنا وتعاونا ليس غريبا عما يعتمل فى صدور «أشقائنا» الحيوانات!
فى الكتاب المدهش (العدالة فى عالم الحيوان.. الحياة الأخلاقية للحيوانات) نطالع معلومات بالغة الغرابة عن هذه الدنيا الغامضة. الكتاب وضعه اثنان هما مارك بيكوف، وهو عالم أحياء متخصص فى الحيوانات، أما المؤلف الثانى فهى جيسيكا بيرس، وهى دارسة فلسفة. وهذا الكتاب الجميل صدر عن مؤسسة (كلمة) بأبوظبى.
لك أن تعرف على سبيل المثال أن جينات البشر هى نفسها جينات الشامبنزى بنسبة 98%، وأن هذا الحيوان يقتل أنثاه إذا (خانته) مع شامبنزى آخر! ولك أن تعرف أن بعض إناث الحيوانات تساعد الإناث الأخرى فى أثناء الولادة (الخفاش نموذجًا)، وأن الأسد –وهو حيوان كسول– يشتعل بالجنون إذا حاول ضبع أو فهد الاقتراب من إناثه أو أبنائه، ولا يتركه إلا بعد أن يقضى عليه فى التو واللحظة!
الطعام هو الشاغل الأول لجميع الكائنات الحية، والبحث عنه والاقتتال للوصول إليه هو العنوان المرفوع على مدخل أى غابة، وإذا كانت القنوات المتخصصة تعرض علينا كيف تصطاد اللبؤة غزالا، وتنهش لحمه، فلا يصح أن تحزن على المصير التعس لهذه الغزالة، لأن أبناء اللبؤة –الأشبال– يتضورون جوعًا، وما حل سوى القتل بغير رحمة، فلكى يعيش حيوان يجب أن يموت حيوان!
الجنس هو العنوان الثانى الذى يلوّن فضاء الغابات، فلا تناسل بدون جنس، وصراع الذكور من أجل الاستحواذ على الإناث يصل إلى حد القتل، ومثلما تضع الفتاة شروطا لاختيار شريك حياتها، كذلك تفعل إناث الحيوانات، فلا تقبل بالذكر الضعيف على الإطلاق، ولا تمنح نفسها إلا بعد أن تشاهد بعينيها المعركة الدامية من أجل الوصول إليها.. آنذاك تكافئ المنتصر وتهبه الهدية الموعودة.
أخى القارئ.. هيا نعرف أنفسنا من عالم الحيوان!