بقدر ما شهد الوطن فى السنوات الأربع الماضية من حراك سياسى بدأ بثورة شعبية وانتهى بفشل فى تشكيل تحالفات انتخابية، بقدر أيضًا ما شهد حراكا اجتماعيا بدأ بتقديس الأخ الأكبر وانتهى بانهيار العلاقات الاجتماعية وخلع ثوب الحياء عن المعاملات الحياتية.
لمعرفة المزيد عن كيف وصل المجتمع المصرى، فتش عن الـDubsmash، وفيديوهاته، مئات بل آلاف تكشف قلب المجتمع المصرى من الداخل وتصدمنا بحقائق تتعلق بعجزنا فى تربية نشء حقيقى يقود البلاد فى المستقبل، وتكشف ماذا يسكن فى عقول الشباب ما بين 18 إلى 35 سنة؟ هل يسكن المعرفة والتعلم، أم الهزار والفرفشة؟
قبل شهور انتشر فى العالم ومصر، برنامج جديد على الهواتف يدعى Dubsmash، وهو برنامج يتضمن مقاطع صوتية شهيرة لشخصيات عامة ورياضيين وسياسيين ومطربين شعبيين، وجميعها عبارات بدأت تتداول بشدة فى معاملاتنا اليومية، وفكرة البرنامج أن تشغل مقطع الصوت وتعيد تمثيله بطريقتك على أن يكون التمثيل مقرونا بتصوير فيديو، وفى النهاية يتم تحميل الفيديو على صفحة Dubsmash بموقع التواصل الاجتماعى.
لكل دولة صفحة، ومصر صفحتها مليئة بالفيديوهات التى تحتاج الدراسة والتحليل، لعدة أسباب أبرزها أن أغلب الفيديوهات لبنات أعمارهن من 20 إلى 25 عاما، ويكررن فى الفيديوهات عبارات لم يكن من الأدب واللياقة أن تكررها بنت فى عقود سابقة وفقا لتقاليدنا الشرقية، وسأسرد نموذجين من العبارات مع التحفظ على الكلمات الخارجة والعبارة الأولى: «كان معكم محدثكم نادر سيف الدين من أمام إحدى بيوت الدعارة» وفى النهاية ضحكة «خليعة»، والعبارة مكانها الطبيعى فيلم لمحمد هنيدى وقيلت فى سياقها، ولكن أن تكررها البنات بنفس طريقة هنيدى مع نفس الضحكة «الخليعة»، فهنا يكمن الخطر.
أما العبارة الثانية وهى حوار بين بنت اسمها نهى وولد ونصها: بتشربى إيه.. فترد نهى.. شيشه تفاح.. فيرد الولد: شيشة يا نهى.. فترد نهى: آه شيشة صدرى ملبش عايزة أكح «وفى النهاية أيضًا ضحكة خليعة».
طريقة أداء البنت وهى تكرر العبارة مع التعبيرات التمثيلية تمثل كيف وصل الخطر إلى بيوتنا إلى بناتنا، إلى مدارسنا، كيف أن بنت عكف والداها على تربيتها سنوات طويلة، وفى النهاية ليس هناك أى مشكلة لديها أن تمثل الفيديو بكل أريحية وبدون أى خجل، بل وتنشره على الفيس بوك، ويتداوله بعد النشر الآلاف بالإعجاب، فهل هذا جديد علينا أم أمر صادم لواقع كنا نخفيه.
فيديوهات أخرى بـDubsmash ترفعها بنات مصريات ويكررن عبارة شهيرة، نصها: عمو حمادة عنده بطة بتعمل كدا هو «وبعد العبارة تبدأ البنات بتكرارات بهلوانية».
بهدوء، مرة ثانية، الفيديوهات بقدر ما تكشف حالة من الاكتئاب داخل جيل شباب مصرى يريد أن «يفك» عن نفسه بفيديو 30 ثانية يعيد له البهجة من جديد، ولكنها تكشف عن واقع اجتماعى مظلم لجيل جديد ينتظر المستقبل، وواقع يحتاج مزيدا من التركيز عليه والبحث فى أسبابه وظواهره.
نصيحة، زوروا صفحة dubsmash واكتشفوا الواقع الصادم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة