بعد ظهور نتيجة انتخابات الرئاسة عام 2012 وفوز محمد مرسى، أثيرت ضجة طرفاها ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، والفريق أحمد شفيق، المرشح الخاسر، ودارت حول الكشف عن لقاء جمع بين شفيق وبرهامى وسلفيين آخرين قبل إعلان نتيجة الانتخابات، وطوعت كل الأطراف هذا الأمر لصالح توجهاتها، فبينما ألمحت جماعة الإخوان إلى أن هذا «خيانة من سلفيين»، رأت أطراف من قوى وأحزاب «مدنية» أنها انتهازية سياسية من «برهامى»، وفى ظل هذا الانفلات العصبى، أتذكر رأى «حمدين صباحى» فى أحد لقاءاته التليفزيونية فى إجابة عن سؤال حول هذه القضية، قال: «من حيث المبدأ، أنا لا أرى أى خطأ فى لقاء مصرى مع مصرى، مادام يعرف الناس نتائجه، لكن الذين شحنوا الناس بتحريم مقابلة هذا مع ذاك هم الذين صنعوا هذا الجدل العقيم ويحصدون نتائجه الآن».
يمكنك أن ترد: ليس فى كل الأوقات يصح لقاء السلطة «المصرية» بالمعارضة «المصرية»، ولا يصح إطلاقا لقاء الثورة ورموزها «المصريين» بالفساد ورجاله «المصريين»، كما حدث أثناء ثورة 25 يناير حين التقى عمر سليمان بقيادات الأحزاب وجماعة الإخوان وأطياف من الثوار، فى محاولة لإطالة عمر حكم مبارك ورجاله، وهى اللقاءات التى رفض حمدين صباحى حضورها لأن لعبتها كانت مكشوفة، وهى إفساد مطالب «جماهير الميادين» بمناورات «لقاءات القصور».
هل يجب أن تتذكر كل ذلك وأنت غاضب، ويقودك غضبك إلى شن حملة شعواء ضد حمدين صباحى لأنه لبى لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس الأول؟
نعم يجب، بل لابد أن تتذكره، فلقاء أمس الأول الذى جاء بعد عملية إرهابية بشعة راح ضحيتها جنود بواسل من قواتنا المسلحة، لم يكن من فصيلة «لقاء برهامى وشفيق»، ولا من فصيلة «لقاء الإخوان بعمر سليمان» ولا من فصيلة «قيادات أحزاب ما تسمى بالمعارضة بعمر سليمان»، وإنما هو من فصيلة «لقاءات لوجه الله من أجل مصر»، مصر التى تبحث عن نفسها، مصر التى ينام «إرهابيون» لها فى الجحور، يريدون تمزيقها إربا إربا فتتوفر لهم الفرصة لتنفيذ إرهابهم الأسود.
عارض السيسى ما شئت، وارفض حمدين ما شئت، وقل كلاما كثيرا عن التوجه السياسى العام، وانحياز النظام لأى طبقة، وأن نظام مبارك مازال موجودا، وأن هناك استبدادا، وهناك حالة من التيه، لكن من فضلك عليك أن يكون لديك اللياقة وأنت تمارس «المعارضة» و«الرفض»، واللياقة التى أقصدها ليست «أدب الكلام والحوار» رغم أن هذا شىء مفروغ منه، وإنما لياقة النظرة إلى حالة بلد بعد عملية إجرامية كتلك التى حدثت مساء الخميس الماضى، ونامت مصر بسببها على وجع أليم.
هل كان المطلوب أن يعتذر «حمدين» عن اللقاء حتى يثبت للغاضبين أنه أكبر ثائر؟ بالطبع فإنه ليست هكذا تكون الثورة، وبالطبع ليس هكذا يكون التعبير عنها.
وهل كان المطلوب أن يعتذر عن اللقاء فينتهزها المتربصون كعادتهم للتشنيع عليه بقولهم: «لا يريد الخير لمصر»؟!