أشرف عبيد حسين يكتب: شطا وشطحاته

الأحد، 01 مارس 2015 08:14 ص
أشرف عبيد حسين يكتب: شطا وشطحاته نجيب محفوظ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى رواية الشيطان يعظ للراحل الكبير نجيب محفوظ يقدم الفتى شطا نفسه لفتوة الحى الملقب بالدينارى راجيا أن يكون أحد رجاله المخلصين.. وفى أول اختبار للإخلاص يتقدم شطا لينفذ مهمة صعبة مجهولة .. ثم يعرف أن المهمة هى مراقبة فتاة جميلة .. ولكن من سوء حظ شطا اتضح أن الفتاة هى حبيبته .. وهكذا عرف شطا متأخرا .. هول المأساة التى ارتمى بين أحضانها طوعا .

تذكرت الرواية التى تحولت فيلما سينيمائيا عندما طالعت خبرا عن أمير دولة خليجية صغيرة .. ذهب للولايات المتحدة ليخطب الود , مقدما بلاده للعم سام باعتبارها " حجر الاستقرار فى بحر من الاضطرابات " مؤكدا فى مقال لصحيفة أمريكية كبرى على أن بلاده تسعى مع ذلك للرفاهية وكلام أخر إنشائى كبير عن حافة الهاوية والرؤية بعيدة المدى للعدالة والأمن والسلام .. ومكافحة التطرف .. وكذلك مساهمة بلاده فى حل مشاكل الشرق الأوسط بالطرق الدبلوماسية .. وفى النهاية لم يفته بالطبع الإشارة سلبا والتنديد بالحكام المستبدين من أمثال بشار الأسد .

ولكن سموه لم يذكر فى مقاله من يحرض على الإرهاب .. ومن يروج له .. ومن يدفع مئات من ملايين الدولارات ليحرك الفوضى ويشعل الفتن فى المنطقة ومن يستقطب أقوى الحناجر وأقسى الأقلام .. ليوقد نيران الكراهية كلما انطفأ وهجها .. ومن يسخر أدوات الإعلام الفتاكة وأسلحته الجهنمية ليؤجج لهيب الصراعات ويحمى وطيس المعارك .

إن من يلقى مجرد نظرات عابرة على القنوات المسماة بالاخبارية التى تمتلكها هذه الدولة الصغيرة .. ليصاب بالدهشة البالغة من حجم الحنق والغضب والكراهية الذى يكنه البعض لمصر .. وهذا يبدو جليا .. ليس فقط من التركيز المريب على أخبار هذا البلد الكبير .. ولكن أيضا من الإصرار الغريب على توجيه المتلقى و دفعه دفعا نحو ما يتبناه السادة مالكيها.. والحق أقول إن هذه القنوات احترفت بالفعل عمليات تفريغ الحقائق من مضامينها .. وسردها بطريقة تحيطها بهالات من الشكوك .. أما الأكاذيب المفضوحة فقد تفننوا فى تقديمها بحيث تبدو كالحقائق الساطعة مع عدم التعرض لمسؤلية تسويقها .

ورغم أنى كنت ولازلت غير مؤمن بنظرية المؤامرة التى تفسر الماضى والحاضر.. إلا أننى لا ألوم على الإطلاق أى شخص يعتقد فى هذه النظرية عند محاولته تفسير هذا الذى يجرى وعلاقة دول كبيرة بأخرى صغيرة فى العالم.. فمن غير المعقول ألا يفرق الكبار بين حرية الرأى والسباب العلنى.. وبين المناقشة الحرة لقضايا الإرهاب والتحريض عليه والإنحياز الصارخ له.. و ما يثير الاستغراب حقا هو صمت الكبار المريب رغم معاناتهم – كما العالم كله – من ويلات التطرف والارهاب .

وكما هى العادة يبرز سؤال بديهى.. ماذا يريد الصغير من الكبير وماذا يقدم الكبير فى المقابل؟









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة