لا شك أن حكم المحكمة الدستورية الذى قضى بعدم دستورية المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر رقم 202 لسنة 2014، وحكم الدستورية الذى قضى بعدم دستورية حرمان المصرى المهاجر، والذى يحمل جنسية أخرى غير المصرية من الترشح للبرلمان. يؤكدان أننا نعيش فى حالة سيولة تشريعية من قبل صناع التشريعات خاصة فى غياب البرلمان. ففيما يخص قانون تقسيم الدوائر فقد كانت هناك أصوات كثيرة عالية تحذر من عدم دستورية القانون، ولكن كانت اللجنة التى وضعت القانون فى واد آخر لا ترى غير ما فعلت ولا تستحسن غير ما صنعت، ولا نعرف ما فى نفس يعقوب من هذا التجاهل غير النتيجة التى وصلنا إليها، وهى تأجيل الانتخابات والتى أثلجت صدر الرأى العام، نتيجة لما تكشف من فضائح فى عملية الترشيحات والتى كشفت المستور لترشيحات المقاعد الفردية التى تسابق عليها تجار ووارثو المقاعد البرلمانية من بقايا الحزب الوطنى وأمثالهم الذين يريدون إعادة الزمن، وكان خير مثال ترشح أحمد عز، إضافة لمهزلة ترشيحات القوائم غير الحزبية والتى عرت وجوه المتاجرين بالثورة والمسترزقين بالوطنية، وهم لا علاقة لهم بغير مصالحهم الذاتية.
أما بخصوص قانون الانتخابات والذى حدد للمرشح أن يكون حاملاً للجنسية المصرية وحدها. فهنا التناقضات تتداخل بين تناقض دستورى وآخر قانونى. فالدستور حدد فى المادة 141 الخاصة برئيس الجمهورية إلا يكون قد حمل، أو أى من والديه أو زوجه، جنسية دولة أخرى. أما ما يخص رئيس الوزراء فالمادة 164 قالت ألا يحمل هو أو زوجه جنسية دولة أخرى. ولم يحدد الدستور موقف الوزراء أو المحافظين، وهذا يعنى ألا يكون رئيس الجمهورية قد حصل على جنسية أخرى بالمطلق أما رئيس الوزراء يمكنه التنازل عن جنسية قد حصل عليها ولا يسرى هذا على ذات المستوى الموازى لموقع الوزير والمحافظ، فمحافظ الإسكندرية أمريكانى. ولا نعلم ما هى الحكمة فى عدم وجود نص يحرم الوزير والمحافظ من حمل جنسية أخرى مع خطورة مواقعهم.أما بخصوص عضو البرلمان فقد تركت المادة 102 للقانون أن يحدد شروط الترشح، فوجدنا القانون قد قصر الترشح على حامل الجنسية المصرية وحدها، فى الوقت الذى أعطى فيه الدستور فى المادة 62 الحق فى حرية التنقل والإقامة والهجرة. كما جاء فى الأحكام الانتقالية المادة 244 حق المقيمين فى الخارج فى التمثيل الملائم فى البرلمان القادم الشىء الذى جعل الدستورية تحكم بعد دستورية حرمان المتجنس من الترشح. حيث إنه من الطبيعى للمهاجرين المقيمين بالخارج أن يحصلوا على جنسية أخرى. أليس هذا تناقضاَ معيباَ؟ وهل كانت لجنة الدستور تعمل فى جزر منعزلة؟ ولماذا لم يتم حسم الأمور، خاصة فى قضية العاملين بالخارج، وعلى ضوء وضع مواد التمييز، بطريقة ما يطلبه المستمعون ومبدأ توزيع المجاملات دون دراية بالنتائج؟ فمن سينتخب ممثل الخارج، الخارج أم الداخل؟ وكيف سيمارس دوره البرلمان من الداخل أم من الخارج؟ ولمن سيكون ولاء مزدوج الجنسية؟ العاملون بالخارج لهم كل الحقوق نعم، وليس بالضرورة أن يتبوءوا مواقع حساسة، حفظاً للأمن القومى، خاصةً فى ظل الظروف التى يمر بها الوطن.