مثلما للأزمات فى مصر مواسم، هناك أزمة أو ظاهرة، انتشرت خلال العقد الأخير اسمها «الهجرة غير الشرعية»، رحلات إلى الموت، الاستثناء فيها النجاة، خلال الشهور الأخيرة تم ضبط عدة محاولات لهجرة غير شرعية، كما أن المصريين الذين تم اختطافهم وذبحهم كان بعضهم مهاجرين بشكل غير شرعى.
ظهرت قضية الهجرة غير الشرعية عامى 2005 و2006، وشهدا أكثر من خمس حالات غرق لمهاجرين مصريين، بين شواطئ ليبيا وإيطاليا. وإعادة عشرات تم القبض عليهم، وعاد بعضهم ليكرر العملية ويموت، أو ينجح، فيتحول إلى أيقونة أمل لغيره، وهناك قرى ومدن بالكامل فى الفيوم والدقهلية شهدت حوادث ضياع. أسبابها الهجرة غير الشرعية المتعددة، منها البطالة وأيضا وجود طموح للمال، يبدو غير قابل للتحقيق بغير طفرة.
ولا تتوقف الهجرة غير الشرعية على مصر، وتمتد عبر العالم، وتقدر منظمة الهجرة الدولية للهجرة غير الشرعية عبر العالم بحوالى 50 مليون حالة، بينما حالات الهجرة الطبيعية حوالى 232 مليونا، وقدرت حالات الموت بين المهاجرين غير الشرعيين بحوالى 5 آلاف خلال عام 2014 وحده.
اعتاد المصريون منذ السبعينيات، ومع ظهور النفط، أن يهاجروا مؤقتا، لفترات طويلة بعقود عمل رسمية بدأت بالإعارات، وعرفت مصر بطالة الخريجين وفائض المؤهلات العليا والمتوسطة، وهاجر بعضهم لدول الخليج وليبيا.
عندما فتحت العراق أبوابها فى نهاية السبعينيات هاجر إلى العراق ما يقارب الأربعة ملايين استقروا وعملوا وتوطنوا، لكن مع حرب الخليج الثانية، غزو العراق للكويت، ثم الحصار الكبير على العراق، بدأت عودة المصريين، لكن العودة الكبرى كانت بعد الغزو الأمريكى فى 2003.
عاد ملايين المصريين وضاق الخليج بمنافسة العمالة الآسيوية، وبدا تفكير المصريين فى الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وتحديدا إيطاليا. كان هناك سماسرة يقدمون إغراءات للشباب بالسفر والدخول عبر البحر إلى إيطاليا والتسلل والإقامة، نجح عشرات فى الدخول، مما أغرى المئات.
ومع بداية الألفية عرفت مصر حوادث هجرة غير شرعية، كان يتم شحن الشباب فى عربات ليعبروا إلى ليبيا، ومن هناك يتم شحنهم فى مراكب يتنقلوا عبر البحر، ولم يمر شهر إلا ويقع حادث يغرق فيه مركب مهاجرين غير شرعيين. أحيانا كان يتم إنقاذ بعضهم. لم تردع حوادث الغرق الشباب، وكان هناك شخص نجح فى التسلل، وكانت هناك قرى كاملة يركب الشباب فيها حلم الهجرة ويعودوا فى صناديق، إن كانوا محظوظين أو يأكلهم السمك، ولا تزال القضية فى حاجة إلى مواجهة بعيدا عن خطابات إدانة البلد، أو الاكتفاء بمهاجمة الشباب، فهى أزمة موسمية قابلة للاتساع.