بنت الإخوانية الشهيرة زينب الغزالى صيتها على مجموعة من الأكاذيب، كحديثها عن تعذيبها فى السجن بعد القبض عليها عام 1965 ضمن مجموعة سيد قطب، ووصفت فى كتابها «أيام من حياتى» صنوفا من التعذيب لو تعرضت لها بالفعل لما بقيت على قيد الحياة حتى عام 1980 بعد الإفراج عنها عام 1971، وبالرغم من زعمها مثلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام زارها فى السجن أربع مرات، فإن الآلة الدعائية لـ«الجماعة» لم تلتفت لهذه التخاريف، وركزت على أكاذيبها فى مسألة التعذيب، لصرف النظر أيضا عن دورها فى التخطيط لعمليات إرهابية كانت ستتم قبل القبض عليها.
أتذكر ذلك ونحن نتابع هذا الانحطاط الأخلاقى فى رد فعل «الجماعة» نحو إعدام محمود رمضان، المجرم الذى ألقى الأطفال من فوق عقار فى سيدى جابر بالإسكندرية يوم عزل محمد مرسى؟ وما تفعله بتنظيم وقفة من أجل مجرمة أخرى هى «سامية شنن» المحكوم عليها بالإعدام، والتى مثلت بجثة مأمور قسم كرداسة يوم فض اعتصامى رابعة والنهضة، وأعطت للمأمور ماء نار حين طلب الشرب قبل موته.
على طريقة ما فعلته «الغزالى» تعلن الجماعة دون خجل عن أن «محمود رمضان» شهيدا، و«سامية شنن» بريئة، وعلينا فهم هذا التصرف فى سياق أوسع وهو إثارة الشوشرة عمدا حتى لا تبقى مثل هذه الجرائم فى ثوبها تاريخيا، وتريد بهذه الشوشرة فرض روايتين متناقضتين لكل حدث إرهابى ترتكبه، وتعتمد لنفسها رواية منهما، ثم تروجها بوسائل دعايتها فيصدقها أعضاؤها، فالمتعاطفين معها ثم الغاضبين من اللحظة السياسية الراهنة، وبهذا التوسع يتم تشويه العقول، وجعل الحقائق التاريخية موضع شك كبير.
اتبعت «الجماعة» هذا النهج فى محاولتها اغتيال جمال عبدالناصر بميدان المنشية بالإسكندرية عام 1954، حيث ملأت الدنيا بمؤلفات تعتبر ما حدث تمثيلية دبرها «عبدالناصر»، والمثير أن هذه الافتراءات وجدت هوى لدى بعض خصوم «عبدالناصر» من خارج الجماعة فروجوا لها، وهذا ما تراهن على تكراره الآن، ولنتوقع فى المستقبل أن نرى مؤلفات لها تنسج الأساطير حول «رمضان» و«سامية».