وائل السمرى

ماذا نريد من «الثقافة»؟

الأربعاء، 11 مارس 2015 08:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المؤلم أن نمر الآن فى مصر بأزمة تاريخية كبيرة تهدد هويتنا وتسفك دماء أبنائنا دون أن نخطو خطوة أولى فى سبيل معالجة هذه الأزمة، ودون أن نطرق الباب الأول لطريق العلاج، فلو سألت أى مصرى عن أسباب انضمام الشباب إلى داعش فمن المؤكد أنه سيقول لك لأن «داعش» أجرى له «غسيل مخ»، أو لأن الفكر المتطرف انتشر، ومع تسليمنا بأن الأزمة «فكرية» بالأساس، لكننا لم نفكر يوما فى عمل مشروع ثقافى استراتيجى وطنى لمجابهة هذه الأفكار المتطرفة.

هل تذكر تلك «النكتة» التى تصف أحد الحمقى الذى أضاع جنيها فى شارع مظلم فذهب ليبحث عن هذا الجنيه فى شارع منير؟

نعم نحن هذا الرجل، نعلم أن معظم أسباب التطرف «فكرية»، لكننا لا ندعم الفكر ولا نسيّد العلم، ولا نبحث أبوابا حقيقية من أجل الخروج من هذا المأزق، ونصر دائما على طرق جميع الأبواب الوهمية من أجل الخروج منه، لكننا لم نطرق ولا مرة واحدة باب الثقافة، وهو الباب الرئيسى فى حل هذه الأزمة.
منذ أيام تولى الدكتور عبدالواحد النبوى وزارة الثقافة، وغاية أملى أن يصبح «النبوى» وزيرا حقيقيا وليس وزير «تسيير أعمال» ككل الوزراء الذين تولوا الوزارة منذ ثورة يناير، وغاية أملى أن يضع «النبوى» خطة طموحة من أجل الارتقاء بالثقافة المصرية والإسهام فى عودة الروح المصرية التى تحب الحياة والفن تبتعد عن ثقافة الجمود، خطة طموحة تعيد الاعتبار إلى الشخصية المصرية التى لن ينهض الوطن إلا بها ولها، وتسهم فى تأهيل مصر لتحتل موقعها التاريخى فى السياسة والاقتصاد عبر تقويم الوجدان المصرى، وتغرس روح المواطنة فى أبنائنا، وتحجز للثقافة موقعها المفترض فى محاربة التيارات الدخيلة على المجتمع المصرى وتذكى روح الانتماء إلى الوطن بمعناه الأكمل.

مطلوب خطة تعيد تشكيل الشخصية المصرية وتذيب الفوارق الثقافية بين أفراد المجتمع المصرى، وتحافظ على تنوعه الثقافى باعتباره عاملا من عوامل غنى الشخصية المصرية وليس عاملا من عوامل تقسيمها.

مطلوب خطة تفتح آفاقا جديدة للتفوق الاقتصادى عن طريق إحياء الصناعات التراثية التى أوشكت على الانقراض وحل محلها الاستيراد، وتؤكد هوية مصر التعددية، وتجعل الثقافة كالماء والهواء عن طريق إدخالها فى كل ملامح الحياة فى الشارع المصرى، وتهتم بنشر تعاليم الأديان السماوية السمحاء فى كل ربوع مصر، وتأكيد أن الأديان والثقافات من أهم مكونات الشخصية المصرية، وأنها ليست أديان موت وإنما «ديانات حياة».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة