هذا كتاب تحفة للكاتب الرائع شريف عبد المجيد الذى يحقق المعادلة الجميلة لكتاب العالم، وهى الحرية فى الإبداع التى تجعله يرى العالم بما يستطيع من لغات التعبير. فهو كاتب للقصة والرواية ومخرج لأفلام تسجيلية قصيرة، ومفتون بالفن التشكيلى، وله فى كل ذلك كتب رائعة، ومنها هذا الكتاب المرئى أيضا الذى يحمل المقال عنوانه. «هنا واحة سيوة بين يديك وأمام عينيك»، بل وكما قال العظيم ثروت عكاشة يوما «العين تسمع والأذن ترى»، فالصور التى التقطها للواحة تاريخا وحاضرا، وضمنها الكتاب الرائع مصحوبا بـ«سى دى» فاتن. بعد مجموعة قصص شريف عبد المجيد الاولى «مقطع جديد لأسطورة قديمة» عام 2002 توالت أعماله فبلغت أربع مجموعات فاز عن إحداها بجائزة ساويرس للشباب، وتبعها بكتابين رائعين عن جرافيتى الثورة، وخلال ذلك أقام معارض للتصوير الفوتوغرافى وحده، أو مشاركا مع آخرين، وكتب ثلاثة أفلام روائية قصيرة.
يقول شريف: «حلمى الكبير الذى راودنى كثيرا هو مشروع وصف مصر بالصورة، ويتساءل كيف لايكون هناك فريق من العلماء والفنانين لعمل ذلك»، ويبدأ هو بهذا الكتاب ويتمنى لو فعل ذلك عن كل ربوع مصر وانتهى منه عام 2028 بمناسبة مرور مائتى عام على صدور كتاب «وصف مصر». يبدأ مشروعه من واحة سيوة التى هى آخر الحدود المصرية والتى امتدادها الطبيعى واحة «جغبوب» التى ضاعت من مصر تحت الاستعمار البريطانى. سيوة هى الجنة المفقودة التى لم تستفد منها مصر حتى الآن. لكن ما حكاية سيوة ومعابدها وناسها؟ هى هذا الكتاب الرائع الذى يسميه ظل الواحة فى دعوة غير مرئية لزيارة الواحة ذاتها والتعرف عليها، وهكذا نمضى مع الكتاب عن تاريخ سيوة فى عصور ما قبل التاريح، ومن وصل إليها من الحكام، ومن أتى منها، وأشهرهم طبعا شيشنق وقمبيز والإسكندر الأكبر. ثم الصراع عليها وحولها، ثم يدخل بك إلى المعتقدات والحياة اليومية، ثم الموسيقى والأغانى المتداولة والمدونة على جدران آثارها مثل مادونته الباحثة الألمانية بريجيت شيفر: ياشجرة النخيل العالية صعبة المنال.
عبثا حاول كثيرون تسلقك ففشلوا وهلكوا قبل
أن يتذوقوا طعم ثمارك
ثم ينتقل إلى الطقس والمناخ والتربة والسياحة والصناعات العلاجية واليدوية ولا يتركها إلا بحديث عن مشكلات التنمية وضرورتها وكيف تتجول مع ما التقطه من صور رائعة لمعابدها وآثارها ومعالمها ومع كل صورة شرح لتاريخ المعلم وتفسير مصحوبة بترجمة إنجليزية. المفردات كثيرة والمعالم عظيمة والشرح موجز ووافٍ، والترجمة رائعة وهكذا فالكتاب يقرأ من اليمين بالعربية أو من اليسار بالإنجليزية، وفى كل الأحوال ستندفع إلى الـ«سى دى» تملأ عينيك بعبق الزمان والمكان. شكرا لشريف وللدكتور أحمد مجاهد، رئيس هيئة الكتاب، التى طبعت هذا الكتاب الفخم، وللدكتور مصطفى رياض الذى ترجم موضوعاته والذى أرجو أن يراه الوزير الجديد للثقافة ويفكر فى وصف مصر الذى يدعو إليه شريف.