فى الحياة، يحتاج الإنسان إلى أن يُدرِك ويعى ما يمكنه التنازل عنه وما لا يقبل فقدانه؛ فيقولون: "فى الحياة، قد تخسِر حُلمـًا أو تفقده، وقد تتنازل عن أمنية. لٰكنْ، كُن حريصـًا على أن لا تخسِر نفسك أبدًا."! نعم، فالحُلم الذى تخسِره أو تفقده يمكن أن تُعاد صياغته إلى حُلم جديد. ولٰكنْ، هناك أمور لا يمكن الإنسان أن يفقدها أو تهتز، فلا يمكنه أن يخسِر نفسه!
تُعد المبادئ جزءًا لا يتجزأ من الإنسان؛ فهى التى تكوِّن دوافعه، وتحرك قراراته فى اتجاه معين؛ إنها تعبِّر عن أفكاره ودوافعه واتجاهاته، ومن ثَم سلوكه. وهٰكذا إذا أردتَ أن تعرِف سر سلوك البشر، اُنظر فى ما يعتنقونه من مبادئ. لذٰلك قيل: "سِرْ مع التيار فى ما يُختص بالمظاهر، أمّا ما يُختص بالمبادئ فلتقف مكانك مثل الصخرة.". إن المظاهر أمر متغير من مجتمع إلى آخر، ومن عصر إلى غيره، أمّا المبادئ فهى ثابتة عبر الزمان والمكان.
والأديان جميعها تدعو إلى تحلى الإنسان بالمبادئ والقيم الصحيحة مثل: العدل، والمحبة، والرحمة، والسلام، والأمانة، والإخلاص.. إلخ، التى تقدِّم إلينا إنسانـًا إيجابيـًّا يعمل على بناء مجتمعه على نحو يُعلى من قدره ومكانته. وفى حياة الإنسان، ينمو الشخص بالتعمق فى معرفة تلك المبادئ، وأسلوب إطاعتها وتنفيذها بحكمة الحياة واتساعها وعمقها.
والمبادئ التى يؤمن الإنسان بها ويتعلمها منذ الصغر، من خلال غرسها فى ضميره من الأسرة ثم المدرسة جنبـًا إلى جنب، يجب أن يتعلم أسلوب السير بها باعتدال وعمق وفَهم حقيقى لها، دون الاهتمام بالشكل على حساب المضمون؛ ودون تطرف أيضـًا. فمثلـًا حين ننظر فى مفهوم الحرية: التى يعتبرها بعضٌ أنها عمل ما يرغبه الإنسان دون قيد أو حدود، وإن أدى ذٰلك إلى إزعاج الآخرين أو التعدى على حريتهم! نجد أن من يريد أن تكون الحرية هى مبدأ حياته، عليه أن يحياها بفَهم وعمق دون جَرح أو تعدٍّ على حقوق الآخرين.
من الشخصيات التى عاشت بمبدأ، وكانت مستعدة أن تدفع حياتها ثمنـًا له، يوسُف الصِّدِّيق: كانت العفة مبدأ حياته، حتى إنه لم يهتم بما سيتعرض له فى مقابل حفاظه على طهارته! وهٰكذا نحن، نتعلم أن السلوك بالمبادئ فى الحياة يحتاج منا إلى اقتناع وجهاد فى أنها الطريق إلى نجاحنا الحقيقيّ.
والمبادئ الإنسانية التى يحملها البشر فى أعماقهم هى التى تساعد وتهوِّن صعوبة الحياة على الآخرين. وكثيرة هى القِصص عن نماذج وشخصيات حملت فى أعماقها مبادئ إنسانية، ووصل تأثيرها وصداه فى الحياة إلى العالم بأسره؛ لتصير إنسانيتهم شموعـًا تضيء ظلمة الحياة لكثيرين. فمن منا لا يذكر القائد "غاندي" الذى سار فى خطًى ثابتة نحو تحرير بلاده دون أن يفقد إنسانيته؛ ومن منا لا يذكر "آبراهام لينكولن" الذى رفض أن يُستعبد الناس وحرر العبيد، وغيرهما كثيرون.. فكما قيل: "كُن إنسانـًا، أو مُت وأنت تحاول."!
• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى .
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
.
هى نعمه وموهبه وليست قدره او مهاره
عدد الردود 0
بواسطة:
.
محتاج اصلى واتأدم للاسرار المقدسه
اطلبوا عنى
عدد الردود 0
بواسطة:
ماهر المصرى
شكرا لحضرتك
فوق