قضية عدم الدستورية سواء للدوائر أو للقائمة قضية مزمنة، ولو عدنا للخلف سنجد أن الأمر متكرر فى مجالس 1984 و1987 و2012، واللافت للنظر أن المرات الثلاث هى المرات التى أخذنا فيها بنظام القوائم، سواء النسبية أو المطلقة، كذلك قضية التمييز الإيجابى للمرأة، أو جدل العلاقة بين مرشحى الأحزاب أو المستقلين.. إلخ.
فى المرات الثلاث كنا أمام دساتير مختلفة، 84 و87 كنا فى كنف دستور 1971، و2012 كنا فى ظل التعديلات الدستورية «19 مارس 2011»، والآن نحن بصدد دستور 2014، أى نحن أمام عدم قدرة على تحويل المواد الدستورية إلى قوانين، أو ربما يكون انفراد القانونيين بالأمر لا يكفى؟
هل يحتاج الأمر إلى مائدة مستديرة تضم أساتذة اجتماع سياسى، وسياسيين، وفاعلين فى المجتمع المدنى جنبًا إلى جنب مع رجال القانون والفقهاء الدستوريين، ويوكل للمتخصصين صياغة الرؤية التى ستنبثق عن تلك المائدة، أم أن الإشكالية تحتاج إلى تحصين قانونى حتى ننأى بالقوانين من الطعن بعدم دستوريتها؟
وإذا توقفنا أمام إشكالية «التمييز الإيجابى» سنجد أن المادة 244 مجرد مادة مؤقتة، كما أنها غامضة، ويعد تحويلها إلى قانون ضربًا من الاستحالة، والغريب أن المادة فى صياغتها لا تلهم المشرع ولا تساعده، فهى ليست مادة مبادئ بقدر ما هى مطلب ملزم للمشرع دون إعطائه رؤية حقيقية لما اصطلح على تسميته بـ «التمييز الإيجابى»، كما أن لجنة الخمسين صاغتها على عجل، لذلك جاء القانون الخاص بالقائمة مشوهًا ومعقدًا، والمدهش أنه سيطبق لدورة واحدة!
الديمقراطيات الغربية التى شرعت التمييز الإيجابى كانت تعطى فترة زمنية لتطبيقه لا تقل عن عشرين عامًا، فى حدود أربعة برلمانات، وهكذا بدا الأمر كما لو كانت لجنة الخمسين تعطى «رشوة» أو «منحة» لتلك الفئات ولمرة واحدة، كما أن قانون الدوائر تم تفصيله من رؤية «مشروع الضد»، أى نظام ضد الإخوان، وليس مع الشعب، وهذه رؤية مقصورة، ولا يثق فيها المشرع فى الإرادة الشعبية!
فى كل الأحوال «الترقيع» لم يعد الحل، ولابد من إعادة النظر فى جذور المشكلة، خاصة أن الأحكام بعدم الدستورية ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، ومن ثم نحن بحاجة لرؤية متكاملة سياسية واجتماعية وقانونية، واضعين أمامنا أن الوقت يداهمنا، والاستحقاق الثالث من خارطة المستقبل لا مفر منه، كما أن التأجيل حتى نهاية العام كما يردد البعض سوف يقلل من المشاركة الإيجابية، وأذكر أن مصر حاربت وانتصرت فى رمضان المعظم، كما أن امتحانات الثانوية العامة يمكن التحكم فى مواعيدها، لذلك كله لابد من الانتهاء من كل ذلك قبل منتصف العام.. اللهم إنى قد بلغت، اللهم فاشهد.