هناء عبد الفتاح

جون كيرى قال كلمة الحق الأول

السبت، 14 مارس 2015 09:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن حضور وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، ومشاركته فى المؤتمر الاقتصادى الجارى الآن فى مدينة السلام شرم الشيخ، يعنى أن العلاقات المصرية الأمريكية بدأت تتخذ اتجاها مغايرا لما كانت عليه عقب ثورة 30 يونيو، التى أطاحت بنظام مرسى العياط وعصابته.

الحضور فى حد ذاته يعنى صفحة جديدة تحمل فى محتواها هدوءا ومهادنة بعد حالة من الصخب والتوتر والحذر، وربما التراشق المتبادل بين الطرفين ويعنى أيضا أن أمريكا تشعر بعدم الارتياح للتقارب المصرى من دول عظمى تمثل قوة موازية لها، على رأسها روسيا تحديدا، وتشعر برغبة فى عدم توتر العلاقات أكثر من ذلك حتى لا تستغنى مصر تماما عن الدعم الأمريكى بعد التواصل مع البدلاء.

ولكن هذا لا يعنى أبدا أن الإدراة الأمريكية ستنسى لمصر حكومة وشعبا أنهم أطاحوا بمشروع تقسيم الشرق الأوسط الذى حلموا به، وأعدوا له ما استطاعوا من قوة وأنفقوا من أجله مليارات الدولارات.

فى حفل الإفطار الذى أقيم على هامش بدء انطلاق المؤتمر الاقتصادى قال جون كيرى "لابد أن نسعى جميعا لأجل مستقبل إسرائيل"، ثم سريعا استشعر الحرج واعتذر عن تلك الجملة التى ضحك عليها الحضور بشكل واضح وصححها قائلا "من أجل مستقبل مصر"، ورغم أن الجملة تبدو عفوية إلا أنها الحقيقة التى لا يمكن أن يغفل عنها كل من له سمع وبصر، والواقع الذى لا يمكن انتفاؤه مهما بلغ عمق علاقتنا مع تلك الدولة التى كانت ولا تزال تسعى بكل ما لديها من طاقة لتفكيك الإقليم.

أمريكا جاءت للمشاركة أيضا من أجل أن تقف بنفسها على نتائج هذا الحدث الاقتصادى المهول وتقيم بنفسها وفق النتائج كيف يمكن أن تسير العلاقات مع مصر فى الفترة القادمة؟ فلو جاءت النتائج بالشكل الذى ينعش الاقتصاد المصرى هنا ستكون مضطرة لتغيير لغة الحوار وستتراجع كثيرا عن الغطرسة والتعالى وأسلوب الترغيب والترهيب الذى تتبناه حيالنا، ولولا قدر الله جاءت النتائج هزيلة هنا ستستأنف نفس أسلوبها فى الدفاع عن الإرهاب وقوى الشر التى تحاصرنا داخليا وخارجيا.

الأمر كله متوقف على ما سينتهى إليه هذا المؤتمر، أمريكا جاءت أيضا لتجدد الإشارة فى كلمتها إلى مساعداتها لمصر كنوع من الاستعراض أمام العالم كله، والتذكير بمعونة لا تسمن ولا تغنى من جوع بل عدمها أفضل، وتحاول بقدر ما استطاعت أن توجه رسائل تفيد بأن مصر لن تستطيع الخروج من عباءتها، وأن كل هذا الحدث الاقتصادى لا يعنى أن الحاجة إليها ما زالت قائمة، نحن نسير على خطى الطريق الصحيح، وكل مخلص لهذا البلد عليه أن يوجه دعمه الكامل لهذا المؤتمر، وأن يتوجه أيضا بخالص الدعاء لله طالبا التوفيق الكامل ونجاح المفاوضات فى خلق أكبر مناخ استثمارى ممكنز

المؤشرات المبدئية تؤكد أننا نستطيع رغم أحلك الظروف والتحديات التى نمر بها، لدينا الآن فرصة لإعادة التعامل مع الملف الأفريقى بالشكل الذى يضمن استمرار تدفق شريان الحياة لنا دون منغصات، ولدينا فرصة كبيرة لخلق غد كريم لشبابنا بالاستثمارات الخليجية، وفرصة أكبر لحماية أمننا الداخلى وأمن المنطقة بالكامل، ووضع أمريكا فى حجمها الحقيقى وأتصور أن القيادة المصرية تعى ذلك جيدا وستتعامل مع الحدث بأمثل طرق الاستفادة، وأتصور أيضا أن أمريكا ستعود مضطرة لاستئناف مشروعها معنا بشكل مختلف عن ما تفعله الآن، وأنها ستبدأ من جديد ترتيب أوجه تنفيذ مشروع تقسيم الشرق الأوسط بالشكل الذى يتماشى مع الواقع الذى خلقته مصر لها، وأجبرتها على الخضوع له بشكل كامل.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة