الإرهاب بجميع أشكاله، سواء أكان إرهابًا فكريًا عقديًا أم إرهابًا مسلحًا تفجيريًا هو خطر يتهدد الوطن وأبناءه ومستقبله، وهو حقيقة لا لبس فيها، حيث يُعد الإرهاب الفكرى العقدى مقدمة للإرهاب المسلح، ومن ثم كان تشديد سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، بما يحمله من رؤية ثاقبة، وفهم لثوابت الإسلام على تجديد الخطاب الدينى، وتحريره مما علق به من أفكار لم تعد مناسبة لعصرنا الحاضر.
ولم تكن الجدية والحسم اللذان صاحبا خطاب سيادة الرئيس الموجه للسادة العلماء إلا لإدراكه عظم وأهمية مسؤولية علماء الدين، وعظم وأهمية مسؤوليته هو كولى أمر وراعٍ مسؤول أمام الله سبحانه عن رعيته، وعن حمايتها من كل ما يهدد أمنها واستقرارها، سواء أكان فكرًا تخريبيًا يمثل خطرًا على وحدة الأمة وأمنها وسلامتها، أم كان عملاً تخريبيًا إجراميًا جاء نتيجة هذا الفكر.
وعندما تشتد الظلمة، وتعظم الفتنة، تعظم الحاجة إلى مصابيح تجلو الظلمة. وعلماء الأمة المسؤولون عن الخطاب الدينى هم ينابيع الهدى، ومصابيح الدجى لعامة الناس، ومن ثم فما يقوم به هؤلاء العلماء فى معركة تصحيح المفاهيم، وإيضاح الصورة الصحيحة لسماحة الإسلام، والرد على ما تقوم به الجماعات الإرهابية من قتل وحرق وتخريب واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة فى الداخل والخارج لهو جهاد عظيم فى سبيل الله، لا يقل درجة عن جهاد جنودنا البواسل فى ساحات الجهاد فى سبيل الله تعالى.
ونحن فى معركتنا ضد الإرهاب والتطرف لا بد أن نكون على يقين راسخ لا يهتز أبدًا فى أن الإرهاب لا جذور له، ولا سند له، ولا أصل له، ولا علاقة له بالكتاب والسنة من قريب أو بعيد، فهو مهما انتشر كظاهرة أفقية يظل أمرًا سطحيًا عارضًا سيزول وينقضى بمجرد أن يتخلى داعموه عنه، وبمجرد أن تنتهض الهمم، وتصح العزائم فى دحره ومحاربته.
إن العزيمة واليقين والقوة والصلابة التى نراها بوضوح فى روح السيد الرئيس وهو يحفز أبناءه على خوض المعركة، ويؤكد على نزاهتها وشرفها وأهميتها لا بد أن تسرى فى سائر أبناء شعب مصر الأبىّ، لا بد أن يدرك أبناء الأمة أن هؤلاء الإرهابيين أعداء للدين، ومشوهون لصورته، وعاملون على خلاف مقاصده، وداعون إلى النار لا إلى الجنة والسلام.
إذا تأملنا فى أفعالهم وقارناها بأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم، نجد أنهم أشداء على المسلمين المؤمنين، رحماء بالصهاينة المعتدين، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقًا بالمؤمنين، شديدًا على أعداء الإنسانية والدين.
يذبحون الناس ويستندون إلى حديث ضعيف أو نص لم يفهموه، وهذا يدل على أنهم إلى الجهل أقرب منهم إلى العلم، وإلى التجرؤ على الدماء وسفكها أقرب منهم إلى المحافظة على الأرواح وصيانتها، لا يبالون أى دم أصابوا، وقد جاء عن رسول الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام بأن المؤمن لا يزال فى عافية من دينه- أى مهما اقترف من جرائم- ما لم يصب دمًا حرامًا.
يحرقون الناس بالنار، ويبالغون فى ذلك بإشاعته على الملأ لبث الرعب فى قلوب من خالفهم، والنبى صلى الله عليه وسلم علمنا أنه لا يعذب بالنار إلا ربها، وأن امرأة عابدة زاهدة دخلت النار فى هرة حبستها وأجاعتها، وأن امرأة بغيًا دخلت الجنة لإنقاذ كلب أشرف على الهلاك نتيجة العطش.. وللحديث بقية.