نجح المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ بصورة غير مسبوقة، واستعادت مصر حضورها البهى على المستويين الإقليمى والدولى، وتأكد كلامنا الذى كتبته هنا قبل انطلاق فعاليات المؤتمر بيوم واحد فقط بأنه لا مفر من النجاح، فالدولة المصرية تريد له النجاح، لتخرج من مستنقع الخراب الذى ورثته عن نظام مبارك البائس، والقوى الكبرى تيقنت ألا أمل فى الحفاظ على مصالحها إذا ظلت مصر تكابد أوضاعًا مختلة، أما أشقاؤنا العرب فتأكدوا ألا أمان لهم إذا لم يشعر المصريون بأمان فى وطنهم قبل أى شىء آخر.
الكل جاء إلى شرم الشيخ طامحًا إلى إنجاح المؤتمر، موقنًا أن مشاركة بلاده فى دعم الاقتصاد المصرى بالمشروعات ستعود عليه بالربح الوفير، والاستقرار السياسى، وكما لاحظ أحد المسؤولين الأجانب: «هناك زحام طائرات فى شرم الشيخ». أما مفاجأة المؤتمر فتجلت فى كلمة السيدة كريستين لاجارد، العضو المنتدب لصندوق النقد الدولى، إذ استهلت حديثها بتذكير الحضور بأم كلثوم التى قالت فى قصيدة شوقى «سلوا قلبى»، «وما نيل المطالب بالتمنى»، الأمر الذى يؤكد أن الإبداع المصرى يمثل جوهرة ثمينة مؤثرة فى وجدان شعوب كثيرة.
أرجو ألا تظن أن المؤتمر نجح على مستوى الجانب الاقتصادى فحسب، إنما نجح أيضًا بشكل مدهش على المستوى السياسى، فزحام الطائرات فى سماء شرم الشيخ يؤكد اعتراف العالم بشرعية السلطة الجديدة التى اختارها المصريون بعد أن أسقطوا عصابة الإخوان وتجار الدين، وإعلان المتحدثين فى المؤتمر أنهم يقفون بجانب مصر ضد الإرهاب يبعث برسالة واضحة أن المزاج العام العالمى تغير، وبات متفهمًا لما حدث فى ثورة 30 يونيو.
قبل أن أختم، عندى ملاحظة أود تحريرها، وهى أن تنتبه الحكومة جيدًا إلى أن المليارات التى ستضخ للنهوض بالاقتصاد المصرى يتحتم أن توجه لمشروعات تراعى ملايين الفقراء، فنحن نريد وظائف للشباب.. نحلم بأحياء نظيفة وشوارع ممهدة.. نطالب بمستشفيات صالحة ومدارس عصرية.. نبغى إنشاء العديد من المصانع التى يتكئ عليها أى اقتصاد حديث، باختصار.. نطالب بأن يحظى الملايين بنصيب معتبر، لا أن تتملئ فقط جيوب حفنة من الكبار بالجنيهات والدولارات!