الصديقان والزميلان ضياء رشوان ويحيى قلاش يتنافسان على منصب نقيب الصحفيين، وأحمد الله أنه ليس من حقى التصويت فى انتخابات النقابة، وإلا لكنت قد منحت صوتى للاثنين معاً، عموماً الموقف محير ومربك للبعض، ويراه البعض تنافساً غير صحى، ومصدراً للتندر والسخرية من زوايا متعددة، منها أن قلاش ورشوان ينتميان للتيار الناصرى، وجمعتهما معارك سياسية واحدة، والأهم معارك نقابية، وبالتالى لماذا لا يتفقان؟ وكيف لم يتنازل أحدهما للآخر؟.
لا مجال للسخرية أو التشكيك فى نوايا المرشحين، وإنما على العكس أرى أن تنافس رشوان وقلاش هو ظاهرة إيجابية تحسب لهما ولنقابة الصحفيين، وتفتح المجال لعمل نقابى فى مرحلة ما بعد الأيديولوجية، وهى المرحلة التى تتراجع فيها الانتماءات السياسية لصالح القضايا المهنية والنقابية، فالنقابة بيت كل الصحفيين على اختلاف مواقفهم الفكرية والسياسية، ويجب أن يكون أساس اختيار نقيب الصحفيين ومجلس النقابة على أساس البرامج الانتخابية التى تتناول قضايا النقابة والعمل الصحفى ومستقبله، جنباً إلى جنب مع قضايا الوطن، وضمانات حرية الرأى والتعبير فى المجتمع، من دون تبنى مواقف سياسية مباشرة، أو التحيز لحزب سياسى أو تيار معين، بكلمات أخرى نقابة الصحفيين تنظم عمل أصحاب الرأى والفكر، وبالتالى لابد من الاهتمام بقضايا المهنة ومصالح العاملين فيها، مع ضرورة الدفاع عن حرية الرأى والتعبير لكل المصريين.
قناعتى أن قلاش ورضوان يخوضان الانتخابات على أسس برامج انتخابية مهنية، ولا توجد بينها اختلافات عميقة، لكن هناك بعض الاختلافات، والأهم هناك فروق فى شخصية كل منهما، ومدى ثقة كل ناخب فيما يطرحه، لكن لا يمكن الادعاء أن قلاش مرشح قوى ثورتى 25 ينايرو30 يونيو، بينما رشوان مرشح الحكومة، لأن الحكومة بعد ثورة 25 يناير توقفت عن التدخل فى انتخابات النقابة، كما أن رشوان ينتمى أيضاً للثورتين.
رشوان وقلاش كانا خلال سنوات حكم مبارك فى صفوف المعارضة السياسية، ومن بين أهم المدافعين عن استقلال نقابة الصحفيين، صحيح أن قلاش أكثر خبرة بالعمل النقابى، لكن رشوان اكتسب خبرات هائلة من خلال معركته الشهيرة ضد مكرم محمد أحمد، وخلال توليه منصب النقيب، حيث أحرز مكاسب مادية ومعنوية مهمة لزملاء المهنة.
انتخابات النقابة بعيداً عن السياسة ظاهرة صحية تماماً، لكن أرجو ألا يستبدل البعض الهويات السياسية والحزبية بهويات المؤسسة أو الانتماء الجهوى «فلاحين وصعايدة» لأسباب غير سياسية أو حزبية، وسواء نجح قلاش أو رشوان، وبغض النظر عن تشكيلة مجلس النقابة الجديد فهناك ضرورة لإيجاد آلية للاستفادة من خبرة الجميع فى تطوير قانون نقابة الصحفيين وبسرعة، لأنه يحتاج إلى تغييرات شاملة، كى يتلاءم مع التنظيم الجديد للإعلام فى الدستور، ومع التطورات الهائلة فى صناعة الصحافة الورقية والإلكترونية.
وهناك أسئلة وتحديات تواجه مهنة الصحافة والصحفيين تحتاج إلى تنظيم حوار عام، وفى مقدمة هذه الأسئلة: كيف تتوقف النقابة عن الحصول على إعانات ومساعدات حكومية وتجد مصادر أخرى، مما يحقق فعلياً حرية واستقلال النقابة؟، وكيف ننقذ الصحافة القومية من مشاكلها المالية والإدارية وتراجع توزيعها؟، وكيف نضمن حرية الصحافة واستقلالها المالى والإدارى والسياسى عن هيمنة الحكومة ورجال الأعمال وشركات الإعلان؟ وكيف تتصدى النقابة للتجاوزات والأخطاء المهنية والأخلاقية التى يرتكبها بعض الصحفيين؟، وأخيراً ما هو موقف النقابة من الصحفيين العاملين فى المواقع الإخبارية المستقلة عن الصحف الورقية؟، هل نسمح لهم بعضوية النقابة أم ننشئ شعبة لهم؟، أم تستحدث أنواعا جديدة من العضوية لهم؟