السرور اعترى الجميع عندما شاهدوا الرئيس عبدالفتاح السيسى والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، وهما يتفقدان «ماكيت» العاصمة الإدارية الجديدة لمصر على هامش المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، وحين اعترض الرئيس على المدة الزمنية المقترحة للانتهاء من بناء العاصمة، وهى 10 سنوات، وطلب أن تختصر المدة، شعر الناس بصدق الرجل، وحرصه على أن يزيح الهموم من فوق صدر القاهرة والمقيمين فيها، لكن تشييد هذه العاصمة يطرح العديد من الأسئلة المهمة، منها: هل المكان الذى ستقام فوقه هذه العاصمة مناسب؟ ألا يخشى أن تتمدد هذه المدينة وتتصل بالقاهرة القديمة فى ظرف حفنة سنوات؟ ألم يكن من الأفضل أن تبتعد هذه العاصمة الجديدة عن القاهرة بنحو 500 كم؟ حتى لا نجد القاهرة القديمة قد التهمت القاهرة الجديدة؟
انظر إلى المدن التى أنشئت فى العقود الثلاثة الأخيرة مثل 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة والرحاب والشروق.. كل قاطنيها يتعاملون مع القاهرة الأم، الأمر الذى جعل قلب القاهرة يئن تحت ضغط الزحام والفوضى؟
ثم نأتى إلى سؤال آخر.. هل سنكتفى بإنشاء عاصمة أو مدينة واحدة فقط؟ ألا نحتاج فى مصر نحو خمس مدن على الأقل تستوعب كل واحدة منها خمس ملايين نسمة، حتى نقضى على التكدس السكانى، فنحن نعيش على 7% فقط من مساحة مصر، فلم لا ننطلق لتعمير الصحراء، على شرط أن نقضى على المركزية المقيتة!
أما السؤال الأهم... ما مستقبل القاهرة القديمة؟ هل ستظل غارقة فى الفوضى والقبح؟ أم سنعيد لها البهاء الذى كان من خلال خطة واضحة تعمل على تنشيط السياحة الداخلية والخارجية؟ فالقاهرة الأصلية تضم كنوزا من الآثار القبطية والإسلامية، فضلا عن الهرم والمتاحف المتنوعة؟
منذ خمس عشرة عامًا كتبت مقالا طويلا مطالبًا بتأسيس عاصمة سياسية وإدارية جديدة لمصر، على أن تظل القاهرة عاصمة ثقافية سياحية لأم الدنيا، ولم يعجب المقال الذين بيدهم الأمر آنذاك، وشنّ وزيرهم حملة ضد الفكرة. دعونا نحلم لا بعاصمة جديدة فحسب، وإنما بمصر كلها جميلة ونظيفة وجديدة.