سأضع نفسى فى خندق كل الزملاء الذين طرحوا أمس سؤال: «وماذا بعد؟»، السؤال يتعلق بالمرحلة التالية لنجاح المؤتمر الاقتصادى.
هذا سؤال لا نطرحه بالجدية الكافية بعد كل لحظة انتصار، والتى نتعامل معها وكأن الزمن يتوقف عندها، وعلى سبيل المثال حين أعلن مبارك تنحيه انصرف الجميع دون الاجتهاد فى الإجابة على سؤال «وماذا بعد؟»، فجاءت الكوارث.
أتوقف أمام حالة واحدة فى الإجابة على سؤال «وماذا بعد؟»، وأراها مهمة الجميع، سياسيون، إعلاميون، اقتصاديون، وهى ترشيد سقف توقعات المصريين، فيما يتعلق بسرعة المكاسب الاقتصادية، وأحدد هنا تعبير «سرعة المكاسب»، فخلال الأيام الثلاثة للمؤتمر، كان هناك سؤال تلقائى تطرحه الأسر المصرية وهى تتتابع وقائعه على الفضائيات هو: «متى سنجنى ثمار المليارات التى يتم الحديث عنها؟، وترك البعض خياله إلى حد سؤال طرحه على مواطن حول ما إذا كانت الأسعار ستنخفض أم لا؟».
فى تاريخنا القريب حالات سابقة كان الشحن لا يهدأ فيها، ففى نهايات حكم السادات كان اليافطات معلقة فى الشوارع، وعليها تعبير «سنوات من الرخاء فى انتظارنا»، ولم يأتى الرخاء، وكان ذلك ضمن أساليب دعائية مقصودة لإخفاء سياسات اقتصادية تدور لصالح قلة قليلة، وفى سنوات مبارك حين دارت عجلة الخصخصة وبيع كل شىء، كانت الآلة الدعائية لا تهدأ من القول بأن «البيع سيأتى بالخير»، وأذكر وقت أن كان الدكتور كمال الجنزورى رئيسا للوزراء وبيع المصانع يتم بهمة ونشاط، كان حديث الحكومة يتعاظم يوما بعد يوم عن أن مصر فى طريقها لأن تكون «نمر اقتصادى» أسوة بـ«نمور شرق آسيا»، وكانت الصحافة الرسمية تكتب على صدر صفحاتها أخبارا يومية، عن زيارة الرئيس الفلانى لمصر كى يعرف كيف تمضى مصر فى معجزتها فى الخصخصة.
أعدد هذه الأمثلة، مع التأكيد على أننا فى ظرف سياسى مختلف، ومع قيادة سياسية تعى تماما حجم التحديات المطروحة وحرصها على تحويل الحلم إلى حقيقة، غير أن ذلك كله لا بد وأن يكون فى ظل وعى شعبى بأنه ليس من الصحيح أننا سنجنى سمنا وعسلا بسرعة فائقة.