افتح قلبك مع د. هبة ياسين.. مثالية بالإكراه

الأربعاء، 18 مارس 2015 01:06 م
افتح قلبك مع د. هبة ياسين.. مثالية بالإكراه د. هبة ياسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت "ع" تقول: أنا عمرى 54 سنة، زوجة منذ 32 عاما، وأم لثلاثة رجال الآن، كلهم متزوجون ومنهم من أصبح أبا أيضا، طول العمرى كنت مثالا للتفانى والإخلاص فى العمل، ولا أقصد العمل المهنى فقط، بل فى أى عمل، فمنذ صغرى وأنا ذراع أمى اليمنى فى أعمال المنزل، بل وأصبحت أعمل بدلا عنها عندما أصبحت فى المرحلة الثانوية، أطهو وأطعم إخوتى، وأنظف، وأغسل.. دون تأفف أو تذمر، وعن طيب خاطر.

كذلك كنت مجتهدة ومتفوقة جدا فى كليتى، وعندما تخرجت وتزوجت سافرت مع زوجى للعمل بالخارج، وعملت هناك بالرغم من كونى مسئولة عن ثلاثة أطفال حينذاك، لأساعده ولنضع القرش على القرش حتى لا تطول سنين غربتنا، فكنت أعمل بدوام كامل صباحا خارج البيت، لأعود وأعمل بدوام كامل أيضا داخل البيت مع زوجى وأولادى وفى المطبخ.

حتى بعد عودتنا لمصر، منذ أكثر من 10 سنوات، لم أرتاح، فقد بدأت رحلة زواج أولادى الواحد تلو الآخر، والتى تزامنت مع بدايات مرض زوجى، وبالتالى كنت أنا المسئولة الأولى والأخيرة عن كل شىء يخصهم من شراء شقق، لتجهيزها، لفرشها، لترتيب أفراح، حتى تنسيق إجازات شهر العسل الخاص بهم جميعا.

وبعد أن أصبحت فوق الخمسين وجدت نفسى مسئولة عن رعاية حفيدى الأول، ثم الثانى بعدها بأقل من عامين.. لن أقول لك أن شيئا من هذا كان رغما عنى أو فرضا على، بل بالعكس أنا دائما التى أبادر وأعرض خدماتى ومساعداتى من قبل أن يطلبها أحد، كما كنت دائما، ولكنى أرسل إليك الآن لأنى لا أجد نفسى كما اعتدتها دائما، أنا الآن دائما غاضبة، ساخطة، متعبة، مكتئبة، لا أجد أى متعة فى أى شىء على الرغم من أنى ما زلت أجتهد فى إراحة الجميع، وخلق أى مناسبات سعيدة تجمعنا.. فهل أجد لديك حلا؟

وإليك سيدتى أقول: فى البداية أحيّيكى على كل ما بذلتيه فى حياتك، سواء لمساعدة أمك أو زوجك أو أولادك، فتأكدى أن شيئا من هذا لن يضيع عند الله، حتى وإن لم يشكرك أحدهم، أو يشعرك بالتقدير الذى تستحقيه، فربما هذا هو أول سبب لحالة الاكتئاب التى تعانيها الآن، وهو أنك وبالرغم من تعبك وكدّك كل هذه السنوات إلا أنك لم تجدِ أحدا يقول لك (احنا شاكرين فضلك علينا) أو (عنك وكفاية عليكى كدة) أو (جه الوقت عشان احنا اللى نتعب لراحتك).

لكن أغلب الظن أن ما تعانيه الآن هو نتيجة طول ارتدائك لقناع (المثالية)، فعلماء النفس اكتشفوا أن أغلبنا يعيشون حياتهم مرتدين لأقنعة تخفى أنفسنا وذواتنا الحقيقة، سعيا لحب وإعجاب الآخرين، اعتقادا منا بأننا لن نستحق حبهم ولن ننال تعاطفهم لو تصرفنا على طبيعتنا، وبدونا على حقيقتنا، وأحد أشهر هذه الأقنعة هو قناع المثالية الذى ذكرته لك.

وقد يكون فرضا عليك فى البداية أنه لم يكن باختيارك، عندما وجدتى أنه لا عون لأمك سواك، وعندما بدأ كل من حولك بتغذية ذلك فى نفسك، بإيحائهم المستمر لك أنه يجب أن تكونى دائما جاهزة وحاضرة وموجودة لسد أى ثغرات وللقيام بأى عمل، فاجتهدت فى البيت، وفى الكلية، وفى الزواج، وفى الأمومة، وفى العمل، حتى وبعد أن أصبحتى جدة تصرفتى بمثالية وقررتى أن تقومى برعاية أحفادك ودون حتى أن يطلب أحدا منك ذلك!.. كل هذا رائع وجميل ويحمد لك بكل تأكيد، ولكنه يبدو أنه فوق طاقتك، وأنك لا تفعليه لأنك تريديه، ولكنك تفعليه حتى تحافظى على صورة المثالية المتفانية الجاهزة دائما، استرضاء لمن حولك، وطلبا لحبهم وتقديرهم.. ولكنهم للأسف لم يفعلوا، لأنهم اعتادوا على ذلك منك، و اعتقدوا أنك تفعلين ذلك من باب الواجب لا من باب الفضل.

سيدتى لا أقول لك تكاسلى أو قصرى، أو تخاذلى وتخلى عن أهلك وأحبائك، ولكنك يجب أن تسقطى هذا القناع بين الحين والآخر، وأن تتعلمى أن تقولى (لا)، وأن ترفضى ما لا تطيقين، أو ما لا تريدين فعله حقا، وليكن ما يكون، فأنت لست مطالبة بإسعاد وإرضاء وإراحة الجميع دائما، ولو حتى على حساب نفسك، فدعينى أخبرك - ولعلك أصبحتى تعرفين الآن - أنك لن تتمكنى من إرضاء الجميع طوال الوقت مهما فعلتى.

توقفى عن الركض واللهاث قليلا، وفكرى فى نفسك ولو لبعض الوقت، افعلى ما تحبيه وما يجعلك سعيدة، استمتعى.. (دلعى نفسك)، وصدقينى ستتعجبى حينها من أن من حولك أصبحوا يحسبون حسابا لك ولرغباتك ولراحتك حينها، وسيقل شعورك الحالى بالإنهاك والغضب والسخط كثيرا بعد أن تصنعى لنفسك اعتبارا وتقديرا كما كنتى تفعلين للآخرين دائما.

الصفحة الرسمية للدكتورة هبة ياسين على "فيس بوك":

Dr. Heba Yassin










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة