منذ 19 عامًا، أعلنت إدارة إحدى المدارس بريف مصر عن تنظيم حفلة لعيد الأم، فى تقليد سنوى متبع، وطلبت الإدارة من كل مدرس ترشيح عدد من التلاميذ لإلقاء كلمات يوم الحفلة عن عيد الأم، وكل مدرس بدوره نقل الأمر للفصول التى يتولى الإشراف عليها، وفى اليوم التالى تم الاستقرار على 7 أسماء من بينها تلميذ فى الصف الرابع الابتدائى يبلغ من العمر 10 سنوات، شاطر بدراسته، لكنه يعشق اللعب عن المذاكرة. التلميذ نقل القصة لشقيقه الأكبر، وطلب أن يشاركه كتابة كلمة عن عيد الأم، فرح الأخ الأكبر ووعد شقيقه الأصغر بأن ينتهى منها قبل الاحتفال، لكن الأخ الأكبر كان كثيرًا ما يتأخر خارج المنزل، ومرت الأيام التى تسبق الاحتفال ولم يكتب الأخ الأكبر الكلمة لشقيقه الصغير بعد.
نام الأخ الصغير حزينًا لأنه لن يتحدث فى حفلة عيد الأم، وهى الحفلة التى تزينت لها المدرسة، واستعدت لها الإدارة بدعوات لشخصيات عامة فى قريتهم الصغيرة، استيقظ الصغير صباح يوم الحفلة مبكرًا، وتبدو على وجهه معالم الحزن، وتحرك إلى مدرسته ساكنًا هادئًا، وكل من يتناقش معه بشأن كلمته عن عيد الأم، يرد: «مفيش نصيب».
بدأ اليوم الدراسى بطابور الصباح، وتحرك كل تلميذ إلى فصله، وبعد ساعات قليلة، وجد التلميذ الصغير أن أحد جيرانه يريده فى الخارج، استأذن التلميذ من مدرسه، وخرج ليستطلع الأمر، فوجد جاره يعطيه ورقتين «فلوسكاب» ويخبره بأن «الحاجة والدتك أعطتنى الورقتين وقالت لى أعطيهما لك». لم يعرف التلميذ الصغير ماذا بالورقتين، فقط يعرف أنهما من «الحاجة»، فتحهما وبدأ القراءة، فاكتشف أنهما يتضمنان كلمة عن عيد الأم ليلقيها فى الحفلة المدرسية، استفسر الصغير عمن كتب الورقتين فاكتشف أن شقيقه الأكبر كتبهما فى وقت متأخر من الليل، ولم ينم إلا بعد أن أتمهما، وأعطاهما لوالدته التى لم تكن تعرف بالأساس قصة حفلة عيد الأم بالمدرسة، ولا تعرف أيضًا ماذا بالورقتين لأنها لا تقرأ ولا تكتب، فقط تعرف أن الورقتين لابد أن تصلا لابنها الصغير فى المدرسة لأنه سيحتاجهما.
فرح الصغير بالورقتين، وأسرع لإدارة المدرسة، أبلغهما أنه فى أتم الاستعداد لكى يشارك فى الحفلة المدرسية، وبالفعل ألقى كلمة رائعة عن الأم وفضلها، والأمهات الفضليات بامتداد التاريخ الإسلامى، وفضلهن على الأمة بأكملها، إضافة إلى قصتين عن الخنساء وأسماء بنت أبى بكر، وكيف أن كلًا منهما سيدة أبرزت قوتها فى مواقف مختلفة فى صدر الإسلام.
فرحة الابن الصغير لم تكن بالمشاركة فى الحفلة بقدر ما كانت أنه وشقيقه الأكبر اجتمعا فى حب أمهما بطريقة مختلفة، الأخ الأكبر كتب الكملة، والصغير قرأها أمام عشرات التلاميذ، وأمهما هى التى حملت الكلمة وأعطتها للصغير دون أن تدرى ما بداخلها.
الصغير فى هذه القصة هو أنا، والكبير هو أخى سامى، والمدرسة الابتدائية كانت بقريتى ميت الديبة، وباقتراب مناسبة عيد الأم أقول لأمى ألف ألف شكر، ولولاكِ ما كنا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة