أن تستشعر صفات الله سبحانه وتعالى فى قلبك فهذا شىء عظيم، لأن أنوارها تنعكس على ظاهر العبد، كما أن صفات الكمال الربانية تنير باطنه، فيزيد الحب لله سبحانه وتعالى، وتزيد مراقبة العبد لما يقوم به وما يتفوه به من قول، ويجد أُنسًا فى ذكره، ويشعر بالغبطة لإدراكه أنه قريب من رب الوجود كله، وبالتالى يزداد العبد تواضعًا ورحمة ومحبة لكل ما هو حوله «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ».
لذلك قال أحد الصالحين: «الحق ليس بمحجوب، إنما المحجوب هو أنت عن النظر إليه، إذ لو حجبه شىء لستره ما حجبه، ولو كان ساترًا لكان لوجوده حاصرًا، وكل حاصر لشىء فهو له قاهر، لكن الله سبحانه هو القاهر فوق عباده».
فى الحقيقة إن ما يمنع العبد عن استحضار الصفات الربانية فى القلب هو الانغماس فى الدنيا لدرجه الثمالة، وتعلق القلب والذهن بالماديات أكثر من الأنوار وبمسبب الأسباب وبخالق الوجود سبحانه وتعالى، أما إذا حدث العكس فسوف يتسع الأفق العقلى والروحانى للإنسان، وسوف ترى العين ما لا يراه الناظرون، وسوف تفهم العقول والقلوب معنى العبادة، وتعرف أو تنكشف لها أسرارها.. على العبد أن يترك كل ما يبعده عن عبوديته لله سبحانه، ويسقط أو يتخلى طواعية عن الصفات الحاجبة والعائقة له عن اكتشاف معنى وجوده والسجود بكله لله سبحانه وتعالى.
أما الصفات السالبة لعبودية الإنسان لله رب الوجود كله سبحانه وتعالى فهى على سبيل المثال، الحسد والكبر والعجب، وغيرها من الصفات الكريهة التى تبعد الإنسان عن بارئه، وهناك صفات أخرى قلبية سالبة للقرب من الرب، صفات ينبثق منها السلوك السيئ، مثل النفاق الذى يقوم على الكذب والخشية من العباد، وليس من الله سبحانه وتعالى، وهو- أى المنافق- إذا حدث كذب، وإذا خاصم فجر، وإذا اؤتمن خان، لذلك فالمنافق فى الدرك الأسفل من النار.. يغيب عن أهل البعد عن الله أن الإنسان فقير إلى الله سبحانه « يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ».