نجحت القاهرة فى الأسبوع الماضى بعقدها المؤتمر القاهرة الدولى للرواية بعد غياب، فى بعث رسالة جميلة إلى العالم، كان الحكائون والنقاد العرب يبايعون عاصمة الرواية كمدينة آمنة ومرحبة ومبدعة، كان التنظيم جيدا، واطمأن المبدعون العرب على بلدهم الثانى، الجائزة ذهبت للكبير بهاء طاهر هذه المرة، كان اسم فتحى غانم الروائى العظيم، رحمة الله عليه، هو عنوان هذه الدورة، الرجل الذى ظلم كثيرا رغم معرفة الجميع بقدره وموهبته، اختيار اسمه كان موفقا وتكريما لمسيرته الإبداعية الغنية، شخصيته تلوح كثيرا فى أسلوبه وتعبيراته وموضوعاته التى تكاد فى همسها أن تصل إلى حدود المونولوج الداخلى.
وكانت خلافاته مع الآخرين يكسوها الهدوء الشفاف، كتب غالى شكرى فى كتابه مذكرات ثقافة تحتضر أن معظم صراعاته، إن وجدت، من طرف واحد، لا يشتبك إلا مع كل ما هو عام ومجرد، اشتباكات أقرب ما تكون إلى لغة الاحتجاج المهذب والتحفظ الوقور، وهى لغة تحيطه بسياج قوى سميك يحول بينه وبين التلاحم المباشر أو الاحتدام العنيف، بعد أن فرغت من قراءة الكتاب الجميل «وجوه أخرى لفتحى غانم» الذى أعده الشاعر شعبان يوسف بمناسبة المؤتمر السادس تأكدت أن المواهب الأدبية الكبيرة هى التى بعثت الروح فى الصحافة، أنت أمام روائى يتحدث فى الموسيقى والتمثيل وصناعة الصحف والإخراج السينمائى والرسم.
يكتب كمتخصص فى كل مجال، وبروح محبة حتى لو بدا متحاملا كما كان يفعل مع محمد عبد الوهاب، الذى كان يراه «يشبه إلى حد بعيد الصحفى الناجح الذى لا يصنع الخبر، ولكنه يعرف كيف يكتبه بأسلوب مثير، والذى لا يؤلف مقالا أو قصة، ولكنه يعرف كيف يعيد كتابة المقال، وكيف يضع له العناوين البارزة والصور والرسوم اللافتة للأنظار»، كان القراء يختلفون بشكل عصبى حول ما يكتبه عن الموسيقار العظيم، والغالبية كانت ضد غانم، رجل واحد هو الذى كان يناقشه بموضوعية فيما يكتب، هو محمد عبد الوهاب نفسه .. وللحديث إن شاء الله بقية.