يا حسرة قلبى عليك يا ماكس.. مصر كلها انفطرت.. والشعب انكسر ظهره من الحزن عليك.. ورغم أن فيه بنى آدمين كتير بيموتوا موتة أبشع من موتك دى بكتير.. يعنى مثلا مثلا ناس بتموت من البرد والفقر على أبواب المستشفيات.. وناس تذبحها سكينة العوز وتموت جوعا بالبطىء وما أدراك ما الموت البطىء؟.. وناس بتموت نفسها علشان مش لاقية اللى يسد رمقها.. لكن كل ده مش مهم ولا ييجى حاجة جنب موتك يا ماكس.. على طول الدنيا خربت والرأى العام والإعلام اتقلب عليك يا شهيد الوفاء.. مصر كلها تعج بالمظاهرات فور الإعلان عن نبأ موتك... منظمات حقوق الحيوان بل والإنسان تندد وتدين وتشجب.. ولم تستقر الأمور حتى نال القتلة عقابهم.
جميل أن تتعاطف وتظهر إنسانيتك مع أى دم حتى لو كان دم كلب، وما سقته لا يأتى أبدا من باب التهكم أو السخرية من ماكس- الكلب الوفى حقا- ما قلته ليس إلا عذلا على إعلامنا وإعلاميينا ليس لتبنيهم قضية ماكس، بل لأن بين أبناء المحروسة الآلاف بل ملايين ماكس لا يذكرهم أحد ولم يحظوا بمثقال ذرة مما لاقاه ماكس من اهتمام، على أن قتلة ماكس قد نالوا عقابهم فى واحد من أسرع الأحكام صدورا على متهم على ما أزعم.
ما ذكرت من ذبحنا نحن المصريين وموتنا البطىء حقيقة وليس فيه أدنى مبالغة ولا يستطيع أحد إنكارها إلا من تجرد من إنسانيته.
ولعل هنا فرصة كى أسلط الضوء على بعض مما جاء فى تحقيق الزميلة نهير عبد النبى بـ«اليوم السابع» للتدليل على صدق ما أقول. يبرز التحقيق مدى ما وصل إليه حال أهالينا هناك فى قرية الضما بأسوان، وكنت أتمنى من إعلاميينا الغر أن يسلطوا الضوء على هذه المآسى فى برامجهم التى فاقت مآسى أى ماكس بكثير.
إليك بعض مآسيهم: (عم مصطفى) مصاب بمرض عصبى مزمن ذهب إلى أحد الأطباء بعد أن لملم كل ما حيلته من ماله القليل، وذهب إلى الطبيب فأوصى له ببعض الأشعة والتحاليل، مجرد بعض الأشعة والتحاليل، إلى هنا وقفت العثرات فى طريق شفائه فقد نفد ماله لتأتى النهاية بأن يبتر عم مصطفى أصابع قدمه بيده من شدة الألم، ويؤكد أنه سيقطع أصابع يده هى الأخرى بعد أن اشتد ألمها.. علك الآن تتحسس أطرافك وتتسأل أى فعل هذا؟ أهناك ميتة أبشع من تجزىء الأعضاء طلبا للاستطباب ولما؟ لأنه لا سبيل لدفع الألم إلا هذا الطريق، ومن يفعل ذلك؟ إنه المريض يداوى نفسه..
هذه حالة من حالات كثيرة هناك بقرية ضما بأسوان، ناس يموتون ميتة تحار العقول فيها وتعجز القواميس عن وصف بشاعتها.. على أن عم مصطفى يعانى أيضا من مشاكل فى المسالك البولية والقلب والضغط والسكر.
وهناك أيضا الشقيقات الثلاث أو بالأحرى الشقيّات الثلاث فاطمة وحسنة وعائشة بعد انفصلت اثنتان عن زوجيهما بسبب ضيق الحال وتخليهما عنهما، وأخرى توفى زوجها، عائشة المريضة بانسداد فى شرايين القلب ولا تجد حق العلاج أو مستشفى يعالجها، يهتصر عليها قلبا أختيها، وهناك أيضا فى القرية عم محمد حسن، الضرير الذى يعانى من الكبد والمرارة والضغط والسكر ولا يجد من يعوله أو يكفله، ويشترك أهل القرية جميعا فى أنهم يقضون حوائجهم فى حفر داخل الغرفة التى تعيش فيها داخل الأسرة بأكملها ثم يردمونها وكأنهم قطط.
وهناك.. وهناك.. وفى أماكن أخرى من المحروسة مثل هؤلاء الكثير فليست الضما إلا نموذجا مصغرا، فمن ينتزع لهؤلاء حقوقهم؟ ومن يُحاسب على هؤلاء؟ وبأيه وسيلة ينبغى أن يكون عقابه؟ ألا يستحق هؤلاء المساواة بماكس- على الأقل ماكس ارتاح بموته- ومن مِن إعلاميينا أو من مراكز حقوق الإنسان أو حتى الحيوان يتبنى حقوق هؤلاء وينزعها؟ لهم الله.
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد إسماعيل
حلوة
لقطة حلوة يا عم سعيد، ولكن هل من مجيب؟