محرر صحيفة « وول ستريت جورنال» الأمريكية سأل الرئيس السيسى عن أكبر خطأ ارتكبه مبارك خلال فترة حكمه الطويلة، وكانت إجابة الرئيس: مبارك مكث فى السلطة فترة طويلة، والحق أنى أختلف كثيرا مع الرئيس السيسى حول توصيفه لأفدح أخطاء مبارك، وفى ظنى أن الرئيس الأسبق ارتكب مجموعة كبيرة من الأخطاء وليس خطأ واحدا، هى ما أوصلتنا إلى ما نحن فيه من أوضاع متردية على كل المستويات.
أكبر أخطاء مبارك أنه اختطف البلاد إلى ما يشبه الغيبوبة طوال حكمه الممتد لثلاثين عاما، لا تنمية ولا قدرة على استيعاب الطاقات البشرية المتزايدة، وعمل نظامه على ترك الأمور تفلت شيئا فشيئا حتى تحولت البلاد إلى صراع بين الكمبوند والمنطقة العشوائية، بين طبقة صغيرة من رجال المال المتوحشين تستحوذ على معظم مقدرات البلاد وبين أجيال تسقط فى الفقر والحاجة يوما بعد يوم.
ومن أكبر أخطاء مبارك أنه أفقد الملايين المراهنة على المستقبل، ففى عهده عادت عبارة غير لائق اجتماعيا، وفى عهده عادت الشرعية المزيفة لمن يستحوذ على المال من أى طريق، وفى عهده انتهت كل القيم والمعايير التى حفظت المجتمع لعقود طويلة، حتى كفر المواطنون بالبلد وانتهت من خيالهم ووجدانهم فكرة الوطن والتضحية من أجله.
ومن أكبر أخطاء مبارك أنه منح الأعداء انتصارا كاسحا بدون حرب، منحهم القدرة على إمراض الملايين بالأغذية المسرطنة والمشعة، وتدمير الشباب بالأنواع الخبيثة من المخدرات.
ومن أكبر أخطاء مبارك أيضا أنه فتح المجال واسعا للفساد والإفساد على كل المستويات، وتولى الوظائف العليا الفاشلون حتى تيقن الناس أن مبارك وحاشيته ينفذون مخططا للإجهاز على البلد وتدميره، ولم يكن ممكنا أن تعمل وتجتهد وتطمح فى الترقى وظيفيا واجتماعيا وماديا بدون سند من مال أو جاه أو محسوبية أو شراكة خاصة مع من يديرون ويهيمنون.
فى عهد مبارك، المصريون فضلوا الموت فى عرض البحر فى هجرات غير مشروعة على البقاء فى البلاد. فى عهد مبارك فقد الناس الأمل والإيمان والسلام الاجتماعى والوطنية والأخلاق وانحطوا إلى مرتبة أقرب إلى البهائم فهل بعد ذلك جرم أو خطيئة؟