حسنا فعل الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما قرر السفر بنفسه إلى إثيوبيا لمتابعة قضية سد النهضة، وإيجاد حلول للحفاظ على حصة مصر من مياه النيل، فالشرط الأول الذى ينبغى أن يعمل عليه أى حاكم لمصر يتمثل فى الحفاظ على النهر، لأنه المصدر الأول والأهم لتوفير المياه لشعب بلغ تسعين مليونًا، والشرط الثانى العمل على تمتين الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، لأن إشعال الخلاف بينهما- لا سمح الله- يهدد الدولة فى مقتل.
فى جولات سريعة توجه الرئيس إلى الخرطوم ثم أديس أبابا مطاردًا حق مصر فى المياه، وهو تصرف مسؤول لا ريب من رجل يدرك المخاطر الجمة لو نقص حقنا فى الذى خلق منه كل شىء حى، لكن.. ما الذى جعلنا نصل إلى هذه اللحظة الحرجة؟ وكيف هانت مصر على حكامها السابقين فأهملوا أفريقيا، وانشغلوا بإسرائيل وأمريكا، حتى كدنا نفقد أهم شريان يمدنا بماء الحياة.
حتى هذه اللحظة يؤكد الخبراء أن بنود الاتفاقية بين مصر والسودان وإثيوبيا لم تعرف بعد، ولكنى لا أشك لحظة فى أن الدولة المصرية ستعمل كل ما فى وسعها لتأمين نصيبنا من الماء، وأغلب الظن أنها ستعتمد على اتفاقيتى 1929 و1959 اللتين تنظمان حصص الدول التى يمر فيها نهر النيل، أما الخطر المريب.. فيتمثل فى هذه الحرباء المتلونة التى تبحث عن الشر وتغذيه.. وأعنى إسرائيل، والكل يعرف أن إهمال مصر لأفريقيا على مدى أربعة عقود دفع إسرائيل لملء هذا الفراغ، وراحت تزرع عملاءها ورجالها واستثماراتها فى قلب القارة السمراء، خاصة فى الدول التى لها علاقة وثيقة بالنهر الخالد.
كما هو معروف فى علوم السياسة ودنيا الصراعات بين الدول.. إذا انسحبت من مكان مؤثر.. سطا عليه عدوك فى أقرب فرصة، ومضى يحوك الدسائس والمؤامرات ليخرب ويدمر، وهو ما حدث للأسف الشديد، فنظام مبارك البائس خاصم الأفارقة، وتعالى عليهم، فانقضت إسرائيل على المناطق التى يتدفق منها النهر، محاولة خنق مصر وإغراق شعبها فى بحر العطش، وذلك بتقليل حصتها من المياه، رجاء حافظوا على حقوقنا المائية وانتبهوا لخبائث إسرائيل.