1 - تلك مقدمة ضرورية
لا شىء أخطر على الوطن من مسؤول لا يرى أمتارا أبعد من موضع قدميه، ومن هذا الماعون ابتلانا الله فى مصر بوزراء ومديرين ومسؤولين مغرمين بالنظر أسفل أقدامهم.
2 - بعض التصريحات تتمنى لو أن لسان قائلها أصابه عطب لحظى مفاجئ حتى لا يتحفنا بكارثته.
هكذا، وبدون سابق تفسير أو احترام للمنطق وأهله، صرح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بأن وزارته لم تقم بتوجيه دعوة لقطر وتركيا لحضور المسابقة الدولية للقرآن الكريم، لأنهما تحرضان على العنف والإرهاب بمصر.
انتهى تصريح وزير الأوقاف الذى نشره فى وسائل الإعلام وهو يظن أنه قام بعمل وطنى وبطولى لا ينقصه سوى أن يحصل على الكثير من الشكر على أنغام الموسيقى التصويرية لمسلسل رأفت الهجان، ولكن ذلك لم يحدث لأن موسيقى الهجان لا تعزف إلا للأذكياء فقط.
3 - للأسف، يامعالى الوزير، لا حضرتك رأفت الهجان، ولا قرارك عمل بطولى، بل على العكس تماما هو قرار إدارى كارثى يسىء لمصر أكثر مما تسىء إليها قطر وتركيا.
القرآن- يامعالى الوزير- أنزله المولى سبحانه وتعالى رحمة للعالمين، فهل تريد أنت تخصيصه ليصبح حكرا على من تحب ومن لا تحب؟ الأزهر ومكانة مصر الدينية بالنسبة لمسلمى العالم عابران لكل الأفكار والخلافات السياسية والعرقية والاجتماعية، فهل تريد أنت بعد كل هذه السنوات أن تمسح هذه المكانة بأستيكة قرار نابع من رغبة فى المزايدة ومداعبة مشاعر السلطة والرأى العام؟
خلافات مصر مع قطر وتركيا سياسية ومؤقتة، يامعالى الوزير، هكذا تعلمنا السياسة التى هجرت التفكير بمنطقها واستسلمت للتفكير بمنطق المزايدين رغبة فى مزيد من الهتاف باسمك، بينما مسابقة مصر الدولية للقرآن الكريم لا تعرف طعم السياسة ولا خلافاتها، يشارك فيها حفظة قرآن، يامعالى الوزير، لا الوزراء ولا الرؤساء، وحفظة القرآن أعلى مكانا من السياسة وأهلها وخلافاتها.
4 - لو أن أحدهم أراد أن يغتال المسابقة التى تجاوز عمرها 36 عاما وجعلت من مصر مقصدا لكل دول العالم الإسلامى، لصالح دول أخرى تنظم ذات المسابقة مثل السعودية والإمارات وغيرهما لم يكن ليخطط بمثل هذا الشر الذى فعلته.
شروط الاشتراك فى المسابقة تقول بألا يزيد عمر المتسابق على خمسة وعشرين عاما، وألا يكون المتسابق من مشاهير القراء فى العالم الإسلامى، لم نجد من بين الشروط أى بنود تتعلق بالانتماء السياسى ولم تذكر الشروط شيئا عن منع مشاركة المتسابقين الذين ينتمون لدول فى خلاف مع مصر.
الكارثة الكبرى فيما فعله وزير الأوقاف الذى يصدعنا يوميا بخطابات وتصريحات عنترية عن فساد عقيدة الإخوان، بسبب خلطهم السياسة بالدين، أنه قرر وبكل بساطة أن يتبع منهج الإخوان ويقوم بتسييس مسابقة دينية، ويجعل من القرآن الكريم سلعة يسمح لصديقه بشرائها، ويحرم خصمه منها، وتلك مصيبة لو تعلمون تأثيرها لوضعنا المسؤول عنها فى سجن كبير.