مأساة حقيقية تعانى منها أسرة بأكملها بكل المقايس، ولكن بطل المشهد فى هذه المرة هى سيدة تدعى "أم ياسمين"، وهى كغيرها من السيدات اللاتى أرغمتهن ظروف المعيشة الصعبة على الدخول فى دوامات الشقاء للبحث عن الرزق وللحفاظ على أسرة بأكملها من الضياع والانهيار، ولم تجد مسئولًا فى الدولة يقدم لها يد العون أو وظيفة تحفظها من الذئاب البشرية على الطرقات وأخطار الشوارع.
قررت أم ياسمين التخلى عن أنوثتها وخلعت برقع الحياة وتنكرت فى شخصية الرجال بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فاختارت أن تساعد زوجها الذى لا حيلة له فى الحياة، وأن يقتسموا الشقاء والنجاح سويا لبناء بيت قوى وحياة سعيدة لها ولأولادها، فهى امرأة تحدت نظرات الناس لها وعيونهم المليئة بالأسئلة ووقفت وقفة رجل ضد مضايقات الشباب، فهى تعمل سائقه من أجل تعليم أولادها ولمساعدة زوجها فى سداد ثمن السيارة، التى اشتروها بالتقسيط لكى تصبح مصدرا دائما يعتمد عليه فى مصاريف البيت وتخفيف المسئوليات الواقعه على عاتق زوجها.
"اليوم السابع" التقى "أم ياسمين" بموقف سيارات أثناء انتظارها الدور كى تحمل سيارتها الصغيرة ماركة "سوزوكى" فبدأت تروى تفاصيل حياتها قائلة، "أنا عندى 46 سنة وحاصلة على مؤهل متوسط "دبلوم تجارة" سنة 1986 ومتزوجة منذ قرابة 20 عامًا وزوجى يعمل محاسبا فى إحدى شركات القطاع الخاص ويحصل على راتب ضعيف لا نستطيع من خلاله أن نعيش ولدى 3 أبناء ياسمين فى 3 كلية تجارة عين شمس، وهدير فى أولى إعدادى، وزكريا فى الثانوية العامة، وعايشين فى شقة إيجار غرفتين وصالة بـ400 جنيه فى الشهر وبتزيد كل سنة 3% والمصاريف أصبحت حملا كبيرا على زوجها، فبعد سداد الإيجار والكهرباء والمياه لم يتبق فى الراتب شيئا، ففكرت فى مساعدة زوجها وتشترى سيارة تعمل عليها فى دورات مدرسية، وهى تستطيع القيادة، ومن دخل السيارة تسدد مصاريف تعليم أولادها وكمان تحوش قرشين يبقوا سند لأولادها فى جهازهم، واشترت العربية بالقسط بمساعدة أخت زوجها فى مقدم العربية، ولكن الصدمة الكبيرة كانت أنها استلمت العربية عقب بدء الدراسة وملحقتش الدورات المدرسية.
وبصوت يمتزج بالحزن، أضافت أم ياسمين، "بدأ زوجى يستلف فلوس عشان نسدد قسط العربية الـ1100 جنيه وندفع مصاريف أولادنا، فقولت لا لازم أنزل اشتغل على العربية، فى البداية كنت بوصل ناس أعرفها وأنا ماشية فى الطريق جربت أحمل وكان فى ناس بتشجعنى وبتركب، خصوصًا الستات بس كنت بخاف أدخل الموقف كنت قبله بشوية بنزل الركاب وألف تانى عشان كان فى مضايقات من السواقين على الطريق، فقولت بلاش ادخل الموقف لحد ما جاه اليوم اللى ماسك الموقف قالى أدخلى ومتخافيش يا ماما إحنا زى أخواتك أدخلى وحملى من جوة الموقف ومفيش حد هيضايقك ودلوقتى بقالى 6 شهور بشتغل فى الموقف.
وتابعت أم ياسمين، قابلتنى مضايقات كتيرة فى الأول كان فى شباب بيوقفونى ويركبوا وبعدها ينزلوا تانى وكان فى عربيات بتكسر عليا بسبب عقليات مجتمعنا طبعا أنهم مش عايزين واحدة ست تشتغل سواقة ومجتمعنا رافض كدا، لكن دلوقتى بعد ما الناس كلها عرفتنى جوة الموقف لو حصل أى حاجة على الطريق هما اللى بيقفوله وهما حمايتى دلوقتى وحتى مش بيخلونى أقف فى الموقف عشان أنا ست المفروض أقف دور عشان أحمل بس أول ما بدخل بيحملولى ومش بيوقفونى كتير.
وأضافت، "فى بداية الشغل كنت باخد كل يوم واحد من أولادى ينزل معايا الشغل عشان يساعدنى ويشوفوا أنا بعمل أيه وينادى يحمل معايا عشان ميسخروش منى لو حد من أصحابهم شافنى وكنت فاكرة أنهم هيكرهونى أو هتتغير نظرتهم ليا، لكن بالعكس لما أصحابهم شافونى اتبسطوا جدا وولادى قالولى إحنا فخورين بيكى يا ماما وأنا بردة مش بقصر فى بيتى أنا بروح ساعتين فى نص اليوم اعمل أكل عشان الولاد لما يرجعوا يبقى أكلهم معمول وطلباتهم جاهزة، وبرجع تانى أكمل شغل لحد لما زوجة بيرجع بليل يستلم منى الميكروباص.
واختتمت أم ياسمين حديثها بتوجيه الشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى لتكريمه المرأة قائلة، "كفاية أوى أنه بيوفر للشباب فرص عمل مش كمان هيوفر فرص عمل للأمهات بس انا نفسى اطلع عمرة وياريت الحكومة تساعدنى فى قسط السيارة.
"أم ياسمين" تتخلى عن أنوثتها بحثًا عن مصدر دخل.. وتعمل سائق ميكروباص
الأربعاء، 25 مارس 2015 04:50 م
أم ياسمين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د. عمر منصور العقاد
أصبحت فوضى و غابة