أجمل شىء فى انتخابات نقابة الصحفيين عامة، هو أن أجواء إجرائها عادة ما تكون مصحوبة بود كبير، يوم الاقتراع نذهب جميعا لنسلم على بعضنا البعض، شباب المهنة يلتقون بشيوخها، أصدقاء فرقت بينهم السبل يتجمعون من أجل إضافة سطر فى تاريخ المهنة، نتفق على المبادئ العامة، ويختلف كل واحد عن الآخر كيفما يشاء، حينما حضرت إجراء أول انتخابات أدهشنى الشعار الذى يعلو به صوت النقيب الفائز والنقيب المهزوم، «عاشت وحدة الصحفيين» نقولها لوأد الفتن، وعدم إثارة الزوابع الفارغة، نقولها لنثبت للجميع أن أهل المهنة على وفاق برغم ما ظهر من خلاف أثناء الانتخابات، ونقولها لنثبت أن وحدة الصحفيين هى الكفيلة بأن تحقق أحلامهم وطموحاتهم وتطلعاتهم، وليس اسم نقيب ولا مجلس نقابة.
هذه الدورة كانت الانتخابات «شكل تانى»، بحسب ما عايشت من انتخابات النقابة، فإن هذه هى المرة الأولى التى يكون الفارق بهذا الحجم بين المرشحين على مقعد النقيب، كما أن هذه الدورة شهدت دخول العديد من الوجوه الجديدة لمجلس النقابة، وهو ما يؤكد أن هناك تحولا جذريا فى توجهات الجماعة الصحفية، وأن المزاج العام فى مهنة الرأى الأولى فى مصر، هو الرغبة فى التجديد، وهنا يطرح السؤال نفسه: هل ستصبح انتخابات نقابة الصحفيين مؤشرا على التغيير فى النقابات الأخرى؟ وهل ستقود نقابة أهل الرأى حركة تجديدية إصلاحية فى داخل النقابات؟ وهل سيبدأ النقابيون فى إعادة حساباتهم ومراجعة أفكارهم بالشكل الذى ينعكس فى اصطفاء قيادات نقابية لا تحيد عن الخط الوطنى العام، ولا تسقط فى فخ الاستقطاب المريض ولا تندمج مع السلطة فتصبح انعكاسا لها؟
لن أتوقف كثيرا أمام الأسماء التى دخلت إلى مجلس النقابة أو التى خرجت منه، فالجميع زملاء أعزاء ولهم كل المحبة والتقدير، لكنى فقط أريد أن أشير إلى حجم التغيير الواقع فى نقابة الصحفيين، وأعتقد أن الذى قاد هذا التغيير هم شباب المهنة الذين انضموا حديثا إلى النقابة، وأرادوا أن يبعثوا برسالة إلى الجميع ليعلنوا عن وجودهم وتوجهاتهم ورغباتهم، كما أرادوا، عبر إدخال ثلاث زملاء جدد إلى مجلس النقابة، أن يقولوا للجميع: إن التغيير هو سنة الحياة، وأن زمن فرض الإملاءات قد انتهى، وأنه على الجميع أن يعيد حساباته ويراجع أولوياته.
ليس للأمر علاقة بمسألة «صراع الأجيال»، فكثير من شباب المهنة يحملون عقولا هرمة لا تصلح إلا لذهنية العصور الوسطى، وكثير من شيوخ المهنة يتحلون بروح الشباب وأفكاره وبداخل قلوبهم أمل مبهج يفوق ما بقلوب الشباب، والفيصل فى الحكم هو مدى ما يتمتع به الفرد من «خيال» طموح لا يفارق الواقع، ولا يجر «الآن» إلى معارك «الماضى» ولا يفرط ولا ينسحق.
عاشت وحدة الصحفيين
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة