اعتقدت أن قطاع الفنون التشكيلية وجدها عندما توجه إلى الرأى العام لنفى سرقة لوحة «إنسان السد» للعبقرى عبد الهادى الجزار، وبالطبع أكد فى بيانه أن «مثل هذه الأعمال الفنية التى لا تقدر بثمن هى ملك للشعب والأجيال القادمة».
البشرى التى زفها القطاع أن اللوحة حرقت مع حرق الحزب الوطنى، وأنها كانت مملوكة للحزب بعد نقل ملكيتها من الاتحاد الاشتراكى، والمحصلة النهائية أننا فقدنا واحدة من أهم الأعمال الفنية، ليس فقط لارتباطها بحدث عظيم مثل بناء السد العالى، ولكن لأنها كانت تشير إلى شىء عظيم فى الشخصية المصرية الخلاقة، عبر عنها الجزار الإسكندرانى الذى اختار حى السيدة زينب سكنا، والذى كان من طليعة جماعة الفن المعاصر فى النصف الثانى من أربعينيات القرن الماضى، والذى حمل مع حامد ندا مسؤولية فى روح الشخصية المصرية من بوابة الأساطير، كان يصغى إلى ما يحمله الحس الشعبى من بداهة، بعيدا عن النموذج الغربى الذى يعرفه جيدا، لم تكن لوحاته مجرد تصوير تعبيرى يحاكى الواقع، ولكنه كان يبحث فى الحكايات المنسية عن سر تماسك هذا الشعب وقدرته على تجاوز الألم.
عبر عن أحلام الطبقات الشعبية، بروح المنتمى إليها، كان مشغولا بالأسئلة الأولى المرتبطة بالإنسان، وفى مراحل أخرى سافر بخياله إلى الفضاء، كان أستاذا للفن أيضا، أخرجه محمود سعيد ومحمد ناجى من السجن بعد حبسه بسبب لوحة «الكورس الشعبى» سنة 1949.
فى «إنسان السد» التى فقدتها البشرية كان مشغولا بفكرة سيطرة الإنسان على العلم وتمجيد العمل، فيها يظهر النيل فى الأفق، ثم يمتد تكوين سحرى من الرقبة التى تنزل من تكوين آلى، لشخص تقترب ملامحه من ملامح جمال عبد الناصر، حيث الصلابة والمزج بين الطبيعة البشرية وأداء الآلة، كانت عنوانا للحداثة فى الفن والواقع معا، هى لوحة لا مثيل لها رسمها الجزار (1925 - 1966) للتعبير عن زمن بأكمله، كان يستند على حلم كبير.. يعوض ربنا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة