جميع الصيغ التى طرحها المنشقون عن جماعة الإخوان أو الجماعة الإسلامية أو الجبهة السلفية مشكوك فيها وغير مقبولة، لأنها تنطلق من فرضية التوازن الذى كان يقيمه نظام مبارك وأجهزة أمنه مع هذه الجماعات، فهذا التوازن أو الاحتواء الأمنى انتهى بحل جهاز أمن الدولة وانتهاء نظام مبارك الذى كان يستخدم ويلاعب جميع الفصائل المتطرفة، وانكشاف الوجه الحقيقى لهذه الجماعات ومدى خطورتها على المجتمع بعد ثورة 25 يناير.
لا يمكن القبول الآن أو السماح بوجود مكتب إرشاد لجماعة الإخوان الإرهابية وغض الطرف عنه فى دولة لا تعترف بالأحزاب الدينية ولا المنظمات الإرهابية أو التى تتلقى أموالا من الخارج أو تتواصل مع أجهزة استخبارات غربية وتخدم فكرة أممية بائدة.
ولا يمكن السماح بانتشار ما يسمى بحلقات العلم الشرعى فى المساجد «الضرار» التى تتحول تلقائيا إلى مراكز وبؤر للتطرف ونشر الفكر الجهادى والتكفيرى. نحن فى عهد جديد يقوم على دولة مؤسسات وقانون، لا مكان فيه لحزب أو لجماعة أو لجمعية دينية، فالأحزاب تنطلق وتلتزم بقواعد اللعبة السياسية وتعبر عن مطالب الناس فى الشارع، أما الجماعات والجمعيات الدينية والدعوية فلايجب السماح بوجودها بعد ثبوت أضرارها وكوارثها، وعلينا جميعا الالتزام بأن الأزهر هو المؤسسة الدينية الوحيدة فى مصر وعلينا فقط أن ندعمه وأن نعمل على تطوير مناهجه ليستطيع الدفاع عن جوهر الإسلام الصحيح ويواجه أشكال الغلو والتطرف.
من هنا فعلى جميع المنشقين عن الجماعات والكيانات الإرهابية والمتطرفة أن ينطلقوا من أرضية فردية لا جماعية، كل فرد مسؤول عن نفسه وإذا أراد ممارسة السياسة فلهذه الممارسة ضوابط بالانضمام إلى حزب قائم ومعترف به، أما إعادة إنتاج الجماعات القديمة ولبس أقنعة الحملان إلى أن تحين لحظة التمكين، فلا أعتقد أن الدولة ساذجة لتبتلع الطعم مجددا أو أن النظام ضعيف ليستخدم الجماعات المتطرفة كورقة سياسية، ولا أعتقد أيضا أن المجتمع فى مرحلة تعافيه من التطرف وانطلاقه نحو البناء سيقبل بهذه الجماعات مجددا.
كريم عبد السلام
المنشقون عن الإرهابيين.. ماذا يريدون وماذا نريد منهم؟ «2»
الجمعة، 27 مارس 2015 10:04 ص