منذ سنوات طويلة لم تقف الدول العربية موقفا واحدا يضمن الحفاظ على استقرار أى دولة بعينها أو المنطقة بشكل عام، حتى أن جامعة الدول العربيه فقدت تأثيرها الدبلوماسى، وأصبحت لا شىء سوى بيانات إدانة ولقاءات للتشاور، حتى كان التحرك الأخير المعروف بـ«عاصفة الحزم»، وهو تحرك فى الأساس عسكرى لحماية الدولة اليمنية من انقلاب الحوثيين، وتحرك دبلوماسى مشترك لحماية المنطقة بأكملها من المد الشيعى الذى تخطط له إيران بكل دقة، وتلعب على تجسيده واقعيا بدعم عسكرى ولوجستى للحوثيين فى اليمن.
بقدر ما ستعيد «عاصفة الحزم» قليلا من الاتزان للأوضاع الداخلية فى اليمن وترجيح كفة الرئيس اليمنى، ستعيد أيضا قوة العرب النسبية فى المنطقة، خاصة أن عشرات الدول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أيدت موقف الدول العربية فى التقدم العسكرى.
اللافت فى مشهد اليمن أن الأمر ليس فقط فى رغبة الحوثيين السيطرة على مقاليد الحكم، ولكن اليمن أصبح أرضا تجمعت فيها المصالح المختلفة لدول تبتعد مئات الكيلومترات عن بعضها البعض، فإيران تسعى لتدشين إمبراطورية كبيرة، اليمن جزء منها، والمملكة العربية السعودية ترفض ومصر تخاف على مضيق باب المندب أحد أهم أسباب نشاط الملاحة بقناة السويس، وتعطيله ينعكس بالسلب على القاهرة.
التحركات الأولية على أرض الواقع تشير إلى أن الطلعات العسكرية من الدول العشرة المشتركة فى عاصفة الحزم ستستمر حتى فترة ليست بالقريبة، خاصة أن إيران فى أول تعليقاتها على التحرك العسكرى قالت: «إن الحرب قد ترتد على من بدأ التحرك، ولا تنحصر على اليمن فقط»، وهو تلويح واضح باستعمال القوة فى المستقبل بما ينذر بتطورات سريعة جدا، فى وقت الذى ينعقد فيه زعماء ورؤساء الدول العربية فى قمة عربية عادية تحولت بين ليلة وضحاها إلى أهم قمة فى السنوات العشرة الأخيرة.