من أغرب الإيجابيات التى أسفرت عنها حملة «عاصفة الحزم» العسكرية التى تقودها المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين فى اليمن لدعم شرعية الرئيس هادى منصور فى اليمن، هى توافق مواقف عدد كبير من الدول العربية والإقليمية ودعمها للحملة، رغم تباين مواقفها، ورغم ما بين بعض هذه الدول من خلافات سياسية بلغت حد الخصومة الواضحة، وربما القطيعة السياسية والشعبية.
«عاصفة الحزم» التى تقودها السعودية حاليا تشارك فيها مصر إلى جانب قطر، وتؤيدها تركيا، وتدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى السودان التى أعلنت إغلاق عدد من مكاتب التمثيل الإيرانية على أراضيها والتضحية بعلاقتها المتميزة بإيران، للعودة من جديد إلى الحضن العربى، فى إشارة واضحة على التغير الواضح فى موقف الخرطوم من إيران والعلاقة التى وصلت إلى مراحل أوسع وأشمل فى التعاون العسكرى.
الحال ذاته بالنسبة لقطر وتركيا والعلاقات غير الجيدة مع مصر، بسبب المواقف التركية والقطرية المؤيدة للإخوان، ومحاولات التدخل غير المبرر فى الشؤون الداخلية المصرية وخاصة بعد ثورة 30 يونيو.
فهل تكون «عاصفة الحزم» البداية الحقيقية لفتح صفحة جديدة فى العلاقات بين الفرقاء الذين يحاربون سويا الآن داخل الأراضى اليمنية؟
القيادة السعودية الجديدة والدعم السياسى والعسكرى الكبير لحملتها يمكنها أن تلعب الدور الفاعل فى إصلاح العاقات بين القاهرة وأنقرة والدوحة بعد إعادة الشرعية على الأراضى اليمنية، خاصة أن مصر التى تستضيف القمة العربية الحالية فى شرم الشيخ هى صاحبة اقتراح تشكيل قوة عربية مشتركة تتجسد الآن فى عاصفة الحزم التى تشارك فيها 9 دول عربية عسكريا.
إيران بطموحها فى التمدد الإقليمى فى العراق واليمن أيقظت المارد العربى الذى راح فى سبات عميق منذ حرب أكتوبر 73، ولم تدرك بحساباتها الخاطئة أن اليمن وباب المندب خط أحمر بالنسبة للسعودية ومصر، وأمن قومى عربى لا يمكن الاقتراب منه، ومن هنا تجمع العرب عسكريا ربما لأول مرة منذ أكتوبر ضد عدو آخر حاول التوسع فى مشروع السيطرة والنفوذ على حساب الأمن القومى العربى الذى مازال هناك من يدافع عنه، وخاصة مصر والسعودية، وهو القاعدة الجديدة التى ستمثل التصور الجديد للنظام الإقليمى العربى فى المستقبل القريب.
حساب النتائج الآن والمعارك مازالت دائرة غير مطلوب، ولكن إرهاصات هذه النتائج الإيجابية تتشكل الآن على الأرض وغباء طهران هو السبب فى اليقظة العربية التى جاءت متأخرة، لكنها جاءت فى الوقت المناسب وقبل أن يضيع كل شىء.