أخشى ما أخشاه أن تتحول الضربات الجوية والبحرية للقوات العربية المتحالفة ضد الحوثيين فى اليمن، إلى حرب برية، ساعتها سيتحول اليمن الذى كان سعيدا إلى مستنقع من حروب العصابات الطويلة التى لا يمكن أن يخرج أى طرف منها منتصرا، ناهيك عن الكلفة البشرية والمادية الباهظة لمثل هذه الحروب.
اليمن تحديدا مثله مثل أفغانستان، له طبيعة جغرافية خاصة تحارب مع أهلها وتقهر الغرباء، تستوعب ضرباتهم وقوة نيرانهم، ثم تجذبهم شيئا فشيئا إلى رمالها المتحركة فى حروب غادرة ومناورات قاتلة، تستنزف قواهم البشرية حتى يرحلوا يائسين من هذا البلد الذى يحلو له أن يسير عكس التاريخ، صانعا تاريخه الأسطورى الخاص وعزلته الاختيارية.
هل معنى ذلك أن نترك اليمن هذا البلد العربى المهم وصاحب الموقع الاستراتيجى لما يراد له، من سيطرة إيرانية تسعى للتحكم فى مفاصل منطقة الشرق الأوسط وممراته البحرية تمهيدا لإعلانها رسميا فرض هيمنتها بقوة السلاح والأتباع على أركان المنطقة؟ وفى المقابل هل تنجرف دول التحالف العربى التى تباشر عملياتها العسكرية فى اليمن، إلى حرب تبدو مخططة لجر منطقة الخليج بأسرها إلى أتون حرب شاملة وثورات مصنوعة تبدأ باليمن ولا تنتهى به؟
لا هذا ولا ذاك، وإنما على القوى العربية الكبرى والفاعلة وهى تدير عملياتها فى اليمن أن تتدبر فى كيفية وصول اليمن إلى ما وصل إليه، وتحت أى ظرف وفى أى مدى زمنى استطاع الإيرانيون استنفار الحوثيين ودفعهم لتنفيذ استراتيجيتهم للسيطرة على المنطقة، والتفكير فى وسائل للتدخل السياسى والشعبى السريع لاستقطاب القبائل والفصائل اليمنية إلى موقف موحد من الحرب الدائرة، يكون فى مقدمة أهدافه الحفاظ على وحدة البلاد وعروبتها، وإفراز قيادة سياسية تحقق الإجماع الداخلى ويمكن للعالم أن يعترف بها وأن يتفاوض معها.
التحرك السياسى العربى الفعال لا يقل أهمية عن التدخل العسكرى فى اليمن، بل لا نتجاوز إن قلنا إنه يسبقه فى الأهمية، لأن الوضع هناك لن يعتدل فى الاتجاه الذى يرضاه العرب بالضربات الجوية والبحرية ولا حتى بالحرب البرية، بل بمعرفة كيف صعد الحوثيون ومن وراءهم وكيف يمكن احتواؤهم وتصعيد الأطراف اليمنية الوطنية الرافضة لنظريات الفوضى الخلاقة والحروب الأهلية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة