عناية نحت مصطلح «عاصفة الحزم» كعنوان للعملية العسكرية التى تشنها السعودية، ومعها مصر والأردن والسودان والمغرب وباكستان وكافة دول الخليج تشى بترتيبات مسبقة وحسابات دقيقة اتخذتها المملكة بتنسيق مع حلفائها لتوجيه ضربة للحوثيين باليمن الموالين لإيران، وتستلهم روح حرب تحرير الكويت 1991 المعروفة بـ«عاصفة الصحراء»، ليس بتماهى المسميات فحسب، لكنها تجاوزتها لتشكيل «قوة عربية مشتركة» كانت مجرد مشروع اقترحته مصر وتبنته السعودية ودول مجلس التعاون، لكن الواقع تجاوز حسابات السياسة، وصارت القوة المُقترحة «حقيقة ميدانية» فرضتها مصالح ومخاطر مشتركة وليست مجرد عواطف ونوايا طيبة.
وبين «عاصفتى الصحراء والحزم» فروق بالطبع، لكنها نقلت الحروب بالوكالة بين إيران ووكلائها الحوثيين لتصبح مواجهة مباشرة يراهن «ملالى طهران» على تحويلها لحرب استنزاف، وتلوح باستنساخ تجربة «حزب الله» اللبنانى يمنيًا، لكن هذه مجرد «فزّاعات فارسية» بعدما صدموا بعاصفة السعودية وحلفائها التى يراها البعض تأخرت حتى تمدد الحوثيون باليمن، وأطاحوا بالسلطة الشرعية، بينما اعتبرها آخرون «ضربة استباقية» تجاوزت الترهل المألوف عربيًا بمواجهة الأزمات.
وكانت مهاجمة جواد ظريف وزير خارجية إيران للعملية متوقعًا، وتحذيراته بأنها ستصب لصالح الجهاديين كالقاعدة و«داعش»، لكن ظريف الذى أطلق تصريحاته بسويسرا خلال مفاوضات وُصفت بالنهائية مع الأمريكيين حول برنامجها النووى، تجاهل نتائج تقاربهم مع واشنطن، بعدما تأكدت العلاقات بينهما «تحت الطاولة».
مقولة «ثعلب السياسة الأمريكية» الشهيرة هنرى كيسنجر: «من لم يستمع لصوت طبول الحرب بالشرق الأوسط فهو مصاب بالصمم»، حاضرة بالذاكرة لأنها تحمل «مؤشرات واضحة» باستدعاء آلة الحرب للمنطقة، وأن إيران ستكون «لاعبًا أساسيًا» بدعمها لحركات راديكالية كالحوثيين باليمن وحزب الله اللبنانى، فهل كان ينبغى على الرياض وحلفائها الانتظار لتكتمل التحولات الدرامية للتحالفات الدولية والإقليمية، وسط تهديدات للأمن القومى لدول مجلس التعاون ومصر؟
طرأت حزمّة متغيرات على المشهد الإقليمى بداية بتشكيل تحالف دولى لمحاربة «داعش»، مرورًا بتواتر أنباء تفاهمات أمريكية إيرانية، وصولاً لمواقف يكتنفها الغموض لتبدو كأنها لعبة «توزيع أدوار» لإفشال كافة المحاولات الخليجية لاحتواء الفوضى باليمن، خاصة عقب سيطرة «الحوثيين» على مقاليد السلطة وسعيهم لابتلاع الدولة داخليًا، بينما تولت موسكو مهمة تحصينهم دوليًا بمجلس الأمن، فعطل «فيتو روسيا» مرتين مشروعًا لاستصدار قرار يستهدف وضع اليمن تحت البند السابع، و«إدانة انقلاب الحوثيين».
«عاصفة الحزم» أصابت منظومة الحكم الفارسى بصدمة فاتهم رئيس لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية بمجلس الشورى علاء بروجردى السعودية بإشعال المنطقة، وهى التهمة ذاتها التى توجهها الرياض لطهران، لتدخلاتها بالعراق وسوريا ولبنان واليمن، لكن الأهم أنها بلورت عمليًا «نواة القوة العربية المشتركة» ليجرى تدشينها خلال الأيام القليلة المُقبلة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق من السعودية $
عاصفة الحزم .. وعواطف الجيش العربي $