ما يجرى فى اليمن أكبر من أن يتم التعامل معه على طريقة الألتراس، بالتأييد أو الرفض، وهو أمر ساد مواقع التواصل، إلا قليلا، حيث اختلطت التحليلات السطحية، والتنكيت والإفيهات، لتطغى على محاولة فهم واقع أكثر تعقيدا من صراعات سابقة، وجرت العادة أن يتم القياس على الصراعات والتجارب السابقة لشرح وقائع حالية.
انطلق البعض فى التحليل بناء على الماضى، بينما الحاضر يختلف فى شكل التحالفات وتقاطعاتها، والمشهد حول اليمن معقد ومتداخل، وحتى الأطراف التى تواجهت من قبل فى اليمن، السعودية ومصر، تعملان معا فى مواجهة الحوثيين، والمملكة تشارك فى مواجهة داعش بالعراق، متفقة مع إيران ضد داعش، ثم إن الرئيس المخلوع على عبدالله صالح، الذى كان يوما فى حماية السعودية، انضم فى تحالف مع الحوثيين، ضد المملكة، ويتحالف الرئيس المخلوع على عبدالله صالح وأبناؤه مع الحوثيين، وهو حلف مصلحة، يرمى منه صالح أن يستقل هو وأبناؤه بجزء من اليمن، مستندا لحلفاء السلطة وقبائل استفادت منه، ولا يمانع على عبدالله صالح من تقسيم اليمن، وهو الذى كان يعتبر إنجازه الوحيد على مدى حكمه الطويل إعادة توحيد اليمن الشمالى مع الجنوبى، ولهذا لم يمانع صالح فى تغذية صراع طائفى وعرقى.
هذه التحالفات والتناقضات تعطى الصراع شكلا مختلفا، وتجعل كل الأطراف عارفة بخطورة التورط فى حرب طويلة بلا أفق واضح فى اليمن. السعودية أكثر الأطراف شعورا بالخطر، وترى تحركها واجبا لحماية أمنها المهدد، وتدفع بالمواجهة مع الحوثيين، إعادتهم إلى طاولة المفاوضات، وتوازن القوة بما يعطى للقبائل فرصة على طاولة المفاوضات.. إيران هى الأخرى ربما تكون طرفا فى أى مفاوضات قادمة مباشرة أو بشكل غير مباشر.
السعودية من أكبر مستوردى السلاح فى العالم تقريبا، والضربة التى شاركت بالنصيب الأكبر فى طلعاتها أطاحت بتصور سابق يشكك فى قدرة المملكة على الردع، وهذا الردع الذى يتأكد فيه كل طرف أن الطرف الآخر يمكنه إيذاءه، و يجعل باقى القوى واضعة فى اعتبارها أنها تعمل فى مجال مفتوح، السعودية وأطراف التحالف العربى تمثل عقبة أمام تحرك إيران وتدفعها لمراجعة أوراقها وتحالفاتها، حتى لا تفتح جبهة جديدة مع جبهاتها فى العراق وسوريا.
ومن نقطة التوازن والردع المتبادل، قد يأخذ الصراع فى اليمن شكل حرب باردة ومفاوضات، قد تقود إلى تقسيم اليمن، حسب قوة كل طرف على الأرض.