الأزمة فى اليمن والصراع السياسى ثم القبلى فيه ليس وليد اليوم. تفاصيل الصراع السياسى فى اليمن الذى كان سعيدا، زرع بذرته الأولى الرئيس السابق على عبدالله صالح مع إعلان وحدة اليمن الشمالى واليمن الجنوبى فى مارس 1990. الوحدة كانت هدفاً للشعب فى الشمال والجنوب عقود طويلة، لكن كان هناك من يحاول ضرب هذه الوحدة داخليا وخارجيا، الجنوب وافق على الوحدة رغم اختلاف النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى، ومع ذلك ضغط الشعب اليمنى لتحقيق حلم الوحدة، وتحقق له ما أراد، لكن لم تمض شهور قليلة حتى بدت عراقيل كثيرة تقف فى وجه استكمال حلم الوحدة بين مؤسسات الدولة. فى مايو 1992 وبمناسبة مرور عامين على الوحدة اليمنية زرت اليمن مع نخبة ثقافية وسياسية مصرية، إرهاصات الخلافات كانت واضحة للجميع، وأسباب الخلافات والصراعات كانت أقوى فى ملامحها من عوامل الوحدة بين الشطرين الجنوبى والشمالى، غاب الشريك الجنوبى الاشتراكى على سالم البيض نائب رئيس الجمهورية بعد الوحدة وقتها عن الاحتفال، ولم يغادر منزله فى عدن فى احتجاج صامت على سياسة الرئيس وقتها على عبدالله صالح.
صالح انطلق بعد الوحدة للتحالف مع تيار الإسلام السياسى، وبرزت رموزه على الساحة اليمنية، وهو ما أثار مخاوف الاشتراكيين التى تعرضت رموزهم للاغتيال وعمليات القتل المنظمة دون تدخل الشريك الشمالى، وهو ما دعا أصواتا داخل الحزب الاشتراكى إلى العودة للجنوب مرة أخرى، طالما أن صالح يستحوذ على كل شىء ويقرب الإسلاميين منه، وتفاخره بانتمائه لقبائل حاشد، الأكبر فى اليمن، أخطر الملامح المهددة للوحدة وقتها، والتى تؤكدها الأزمة، والانشقاق الحالى هو الإصرار على عدم توحيد القوة العسكرية - الجيش - الذى ظلت وحداته وكتائبه يتنازعها الانتماء والولاء للقيادات والزعامات وليس الوطن، وأتصور أن كل الأزمات التى رصدتها فى عام 92 كانت وقود اشتعال الحرب الأهلية الأولى بين الشمال والجنوب فى عام 94 وخروج قادة الجنوب من اليمن. الحرب دفع ثمنها الشعب اليمنى واقتصاد الدولة الضعيف، وفى الأزمة الأخيرة وبعد الحصانة التى حصل عليها من دول الخليج يتحالف صالح من جديد مع إيران وجماعة الحوثى، الأعداء القدامى، للعودة من جديد إلى كرسى السلطة، هذه المرة لعبة صالح مختلفة، لأنها تجاوزت الخطوط الحمراء لمصر والسعودية، وأظنها هى اللعبة الأخيرة له فى معركة مستمرة منذ 22 عاما.