عن 83 عاما رحل الخميس الماضى الشاعر السويدى العظيم توماس ترانسترومر الحاصل على جائزة نوبل سنة 2011، تاركا عطرا صوفيا فى الشعر الإنسانى، لم ينتبه الإعلام المصرى للرحيل بسبب غياب الشعر من الحياة، الحياة العصبية التى نعيشها ولا نعرف متى نتجاوزها، دارس علم النفس قبل أن يكون شاعرا ترجم إلى لغته قصائد السرياليين الفرنسيين خصوصا أندريه بريتون، لم يكن سرياليا فى شعره، ولكنه كان ينهل من موسيقى خفية حزينة، هو عازف ماهر للبيانو، أصيب بالشلل فى مطلع التسعينيات وتوقف نصفه الأيمن تماما واختفى صوته، وتدرب على العزف والكتابة بيده اليسرى وكتب:
حلمتُ بأننى قطعتُ عشرينَ ميلاً بلا جدوى.
حينئذٍ تضخّمَ كلّ شىء. عصافير كبيرة كالدجاج
غرّدتْ حتى صُمّتْ المسامع.
حلمتُ أننى أرسمُ مفاتيح البيانو
على طاولة المطبخ. عزفتُ عليها، عزفاً أخرس.
الجيران هرعوا للاستماع.
وكتب أيضا
«الزمن ليس خطاً مستيقماً
إنه أقرب إلى المتاهة.
ولو اتكأ المرء على مكان
مناسب من الجدار
يستطيع أن يسمع الخطوات
المسرعة والأصوات، يستطيع أن
يسمع نفسه تمرّ من هناك على
الجانب الآخر».
(ترجمة العراقى على ناصر كنانة)
فى مقابلة صحفية معه فى نيويورك عام 1979 يتحدث توماس ترانسترومر: «أكتبُ دائماً على خط الحدود، الحد الفاصل بين العالم الداخلى والعالم الخارجى، أسّمى ذلك «حاجز الحقيقة» لأنها النقطة الفاصلة ذاتها التى تمكّننا من امتلاك الحقيقة». ابتعد بشعره عن انفعالات المدِّ السياسى الستينى الذى اجتاح العالم وثقافته آنذاك. فلم يكتب شعراً خطابياً، وابتعدَ شخصياً عن أى نشاط سياسى، منهمكاً فى الاشتغال الجمالى على قصيدته، وهو انهماك لم يتجاهل ما يدور فى العالم، أُتهِّمَ وقتها بالانعزالية إلاّ أنه كان يدرك بأن أجندة الشاعر هى غير أجندة السياسى.
«نحن لا نستسلم. نحن نريد السلام» الموسيقى بيت من زجاج على حافة منحدر الصخور تتطاير. الصخور تتدحرج تتدحرج الصخور إلى داخل البيت
لكن. كل ألواح الزجاج مازالت سليمة.