يقول الخبر إن وزارة الداخلية المصرية ألقت القبض على 169 تاجر مخدرات فى مدة زمنية قدرها 24 ساعة فقط، ما ينقص الخبر هو التقسيم النوعى لهؤلاء التجار، بين تاجر كبير وموزعين صغار ووسطاء يتولون عمليات التوصيل.
لا أدرى هنا هل نفرح بدافع حسن النية لأن الشرطة تعمل بجد لتطهير المجتمع من مثل هؤلاء الذين يفيضون بالسم فى عروق إخوتنا وأبنائنا، أم نحزن لأن هذا العدد فى يوم واحد يعنى أن هناك أعدادا مماثلة فى أيام أخرى، ويعنى أيضا أن كل تاجر منهم له عشرات الزبائن من خيرة شباب أم الدنيا.
بالعودة لأرشيف هذا الشعب الأصيل ستجد تحليلات كثيرة أسباب تفشى المخدرات، بدأت بضعف الإيمان مرورا بغياب دور الأسرة وترويج مواد إعلامية وفنية لعادات الإدمان دون رقيب، وانتهاء بوجود نظرية المؤامرة الخارجية التى تريد أن تدمر مستقبل هذا البلد.. المؤكد أننا جميعا حكومة وشعبا، حينما نحتار فى محاصرة أسباب المشكلة نسند ظهورنا للحائط ونقلب شفاهنا يأسا كالعجائز لنقول: «نصيبنا كدة».
هذا النصيب فى ظنى، لا يرضى أبدا أن البلد الذى تكمن ثروته الحقيقية فى الشباب، به 8 ملايين متعاطى للمخدرات، طبقا لدراسة رسمية منسوبة للمركز القومى للبحوث الجنائية، فى حين أن تحليل البيانات الحكومية عن مجال آخر معاكس، يكشف أن عدد براءات الاختراع المقدمة للجهة الرسمية المنوط بها الأمر فى مصر تتراوح بين 50 إلى 60 طلبا سنويا، نجحنا فى إحدى السنوات–ولله الحمد والمنة- أن نسوق 11 منها تجاريا، لهذا يفضل الناس تسويق المخدرات فهو أكثر ربحا.
نعود للسؤال الأزلى: تلك مسؤولية من؟ بصراحة لست خبيرا فى العلوم الاجتماعية، لكن ما أؤمن به جيدا يقول إن الأسرة تتحمل مسؤولية تنشئة أبنائها، لأنها أول من يدفع ثمن فسادهم، وكل الأسباب تأتى بعدها، وكل فساد يصب فى النهاية على رأس المجتمع.
أما الداخلية، فنحن لا نطلب منها الكثير، نريد فقط أن تكون صادقة فى مثل تلك الأرقام وتوضح لنا تفاصيلها، ليطمئن الناس أن كل شر يتفشى تواجهه قوة خير تصر على إقرار الأمن للذين يدفعون الضرائب لتوفير رواتب الحكومة، وإقامة العدل الذى يتطلب الثقة، التى لن تكون ما دام الناس يؤمنون بنظرية الشرطة التى تعرف أماكن كل الأشرار، ولديها أرقام هواتفهم أيضا، لكنها تفضل جمعهم عند الحاجة.