رغم الظروف المنيلة بنيلة التى تمر بها معظم الدول العربية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أننا أمام فرصة لن تتكرر لتحقيق حلم الوحدة العربية واتحاد العرب تحت راية واحدة. وسواء اتفقنا أو اختلفنا على «عاصفة الحزم»،
فقد كانت السبب الرئيسى لنستعيد طموحاتنا المشروعة فى وجود قوة عسكرية عربية مشتركة وتحالف عسكرى يعطى للمنطقة مكانة وسط جيوش العالم. الغريب أن هذه الطموحات لم تكن متاحة من عشرات الأعوام، حينما كانت الدول العربية خالية تقريبا من المشاكل السياسية وأقل تأثرا بتهديدات الجماعات الإرهابية وأكثر قوة فى مواجهة تيارات العنف والترويع. فهل كان لا بد أن نخاف حتى نتحد أو يهددنا الخطر حتى نشعر بقيمة التعاون،
أم أن معظم القيادات العربية القديمة كانت تستمد قوتها من ضعف شعوبها والخلافات الإقليمية العقيمة. صحيح أننا نشعر جميعا بالأسف والحزن للأحداث الدامية التى تقع كل يوم فى سوريا واليمن وليبيا والعراق والإرهاب الغادر الذى يهدد أمن مصر وتونس، إلا أن شعاع النور لا يظهر براقا إلا فى الظلام الدامس ولا نعرف قيمة النعمة إلا وقت البلاء. لذلك نتمنى أن تكون القمة العربية التى عقدت فى شرم الشيخ نقطة تحول فى أمن وترابط هذه المنطقة، وأن يحاول الرؤساء والملوك تحقيق أحلام شعوبهم والوصول إلى تكتل حقيقى وتعاون فعال على المستوى السياسى والعسكرى،
وأن يبدأ عهد جديد بين الدول العربية تبحث فيه عن مناطق الاتفاق وتتجاهل الاختلاف والخلاف، فتأييد الولايات المتحدة لعاصفة الحزم لا يعنى إطلاقا أنها نست أهدافها من الفوضى الخلاقة وخططها المتعددة لتقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة. فمازال الخطر موجودا، بل هو أقرب إلينا مما نتصور وقد يكون من كرم الله على البشر أن يتجمعوا فى أوقات الخطر، وأن يتفهموا أن الاتحاد فى حد ذاته قوة لا يستهان بها. ورغم أهمية تكوين قوة عسكرية مشتركة إلا أن الخطوات الساعية إلى اتحاد اقتصادى أصبحت ملحة فى هذه الظروف الصعبة على الجميع، خاصة أن جزءا كبيرا من مسؤولية الإرهاب تقع ضمن مشاكل الفقر والجهل وانعدام الطموحات الاقتصادية للعديد من الفئات فى المجتمعات العربية، لذلك لن تنتهى قضايا الأمن والإرهاب بتكوين قوة عسكرية مشتركة بقدر ما تحتاج إلى مشاركة اقتصادية جادة بين الدول العربية. مشاركة قوامها تبادل المصالح والإنتاج.