الكل يلهث خلف القنابل!
الذين يصنعونها والذين يزرعونها.. ورجال الأمن الذين يطاردون الجماعتين، ثم نشرع نحن الكتاب والصحفيين فى كتابة المقالات المنددة والكاشفة.. ويظهر مذيعو القنوات الفضائية فى المساء يصرخون ويشتمون ويلعنون.. كلنا نلهث خلف القنابل!
فإذا انفجرت قنبلة هرع الجميع خلف الخبر، من مات؟ من أصيب؟ أين مكان الانفجار؟ ومتى؟ ثم بيان رسمى يؤكد القبض على خلية إرهابية كانت تخطط لزرع قنابل فى المكان الفلانى، وأن رجال الأمن لن يغمض لهم جفن قبل اقتلاع الإرهاب من جذوره.
فإذا انتقلت إلى مواقع التواصل الاجتماعى- فيس بوك تحديدًا- ستطالع عشرات التعليقات التى تهلل للقنابل وتشمت فى الضحايا، وتقرأ مئات التعليقات الأخرى التى تلعن الإرهاب والإخوان وأنصارهما، ولن تعدم بطبيعة الحال آراء تطالب بعزل وزير الداخلية وإعادة هيكلة جهاز الشرطة وتطويره.
السؤال: هل خلت مصر - والعالم- من وقائع ومشكلات سوى حديث القنابل؟ وهل صرنا أسرى ردود أفعال لعصابة خلطت الدين بالسياسة بالقنابل؟ أليس من الأفضل أن نتعامل مع التفجيرات الخسيسة بدرجة أكثر من الحكمة والتعقل، فلا تهويل ولا تهوين!
لقد زرع الإرهابيون، أمس، قنبلة فى محيط دار القضاء العالى قتلت ثلاثة أشخاص وأصابت أحد عشر آخرين، وهى جريمة تنم عن جرأة شديدة من قبل هؤلاء القتلة، إذ إنهم اقتحموا وسط القاهرة، وهم يدركون تمامًا أنها منطقة خطرة ومحصنة أمنيًا، لكن هذه الجرأة ما كان لها أن تحقق غرضها الدنىء لو لم يكن المجرمون يدركون تمامًا أن الرخاوة صارت عنوانا لأدائنا لا فى المسائل الأمنية فقط، وإنما فى كل مناحى حياتنا.
أظنك تعرف أن التفجيرات الأخيرة فى القاهرة والجيزة وأسوان كانت رد فعل للأحكام المشددة التى عوقب بها محمد بديع وخيرت الشاطر، علاوة على الحكم الذى صدر بوصف حماس منظمة إرهابية!
إنهم قصدوا إهانة دار القضاء العالى والنيل منها، لأنها رمز العدالة فى مصر، ومع ذلك، يجب أن نعيد موقفنا من اللهاث خلف حديث القنابل، وأن نناقش قضايانا الأخرى بجدية وتركيز حتى لا نظل ندور فى فلك رد الفعل فقط.