جدل سياسى وشعبى صاحب حكم المحكمة الدستورية العليا، يوم الأحد الماضى، بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر ، واختلفت الأراء بين من يريد تأجيل الانتخابات وكان سعيدا بالحكم، ومن يرى مع كل الاحترام لأحكام القضاء أهمية الإسراع بالاستحقاق الثالث لاستكمال مؤسسات الدولة، وبين فلول عصابة الإخوان الإرهابية وبعض المخطوفين ذهنيا من مؤيديهم، سواء نشطاء أو حقوقيين التى لا تريد إلا الخراب وهدم مؤسسات الدولة.
وعلى صعيد آخر بعض النخبة السياسية تكيل الاتهامات والتطاول أحيانا على الحكومة واللجنة التشريعية التابعة لمجلس الوزراء التى صاغت القانون، وكله بيفتى! هناك من يقول: «ما احنا قولنا من زمان وماسمعتوش الكلام» وأستاذ قانونى زياط آخر يقف بالمرصاد لكل قانون تصدره الدولة، وعامل فيها أبوالعريف، وصراخ وعويل إعلامى عن خيبة وفشل اللجنة التشريعية فى إصدار القوانين واتهامهم بأنهم مجموعة من الهواة والفاشلين! حالة من المنظرة وادعاء الحقيقة المطلقة وعدم احترام علم وخبرة أعضاء اللجنة التشريعية! وآخر يقول: أى عيل محامى بسيجارة على ودنه يعلم جيدا أن قوانين الانتخابات الثلاثة غير دستورية!! كدة حتة واحدة!
رجوعا للمادة الثالثة فى محاولة للفهم، فهى تشير إلى جدول توزيع المقاعد فى الفردى والقوائم، والمشكلة تكمن فى الفردى وهو 420 مقعدا وليس القوائم عددها 120 مقعدا. الجدول يحتوى على المحافظات وكل محافظة مقسمة إلى مجموعة دوائر، وكل دائرة يتنافس عليها 1 أو 2 أو 3 مرشحين تبعا للكثافة السكانية فى كل دائرة، القصة تكمن فى مادة 102 من الدستور أن القانون يجب أن يراعى التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين، يعنى بالبلدى أى تقسيم للدوائر (والمحافظات) يجب أن يكون عادلا، من حيث عدد ممثليهم فى مجلس النواب، يعنى ماينفعش يكون مثلا دائرة بها 100 ألف ناخب يمثلها مرشح واحد ودائرة أخرى بها 100 ألف أيضا أو تقريبا ويمثلها مرشحان، هذه تعتبر مخالفة دستورية للمادة 102 لأن المواطنين فى الدائرة الثانية سيكون لهم ميزة نسبية عن الدائرة الأولى! طيب لا بد أن يكون هناك معيار يتم القياس عليه، المعيار المعتمد كما ظهر فى حيثيات الحكم ما يسمى بالوزن النسبى للمقعد الفردى، وتم حسابه على مستوى الجمهورية بالكامل بأخذ متوسط عدد الناخبين المسجلين، وعدد السكان ثم القسمة على عدد مقاعد الفردى البالغ 420. وبعد عمل هذه الحسبة ينتج أن الوزن النسبى للمقعد الفردى حوالى 168 ألفا، معنى ذلك بالبلدى أن كل 168 ألف مواطن على مستوى الجمهورية يمثله مقعد (نائب واحد يمثلهم)، المحكمة الدستورية رأت فى القانون الحالى أن هناك أمثلة كثيرة بعيدة تماما عن هذا المعيار، وأعطت أمثلة كثيرة يفوق ويقل الوزن النسبى للمقعد عن المتوسط العام، السؤال: هل قامات اللجنة التشريعية لا تعلم ذلك؟ بالتأكيد تعلمه جيدا، ولكن هناك اعتبارات أخرى غير حسابية لها علاقة بطبيعة الدوائر والقبليات وتجنب العنف المحتمل (دوائر الدم) ثم المناطق الحدودية المهمشة وخلافه، وهى معايير تقديرية وليست كمية! لم تقتنع بها المحكمة الدستورية! وأثار انتباهى أن الأمثلة التى كانت فى الحيثيات ركزت على مقارنات بين الدوائر فى المحافظة الواحدة، وليس بين المحافظات! فلدينا إشكالية أن هناك محافظة مثلا مثل جنوب سيناء حاليا ممثلة بثلاثة مقاعد فردية عدد الناخبين بها لا يصل لنصف مقعد، فحتى لو تم التعديل فى القانون، وتم تعيين لها مقعد واحد، سيكون الوزن النسبى للمقعد بعيدا أيضا عن المتوسط العام، وقالت المحكمة الدستورية فى حيثياتها: إنه يكفى أن تكون الفروق فى الأعداد فى حدود «المعقول»، وهنا تكمن المشكلة فى عدم تحديد المعقول وهى وجهات نظر!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة