من الاستهانة بعقول البشر أن يخرج علينا رجل قانون فى حجم المستشار طارق البشرى بمبادرة يدعو فيها إلى «الصلح بين الدولة والإخوان»، فالدولة لا يمكن أن توضع فى كفة متساوية، مقابل جماعة إرهابية رفعت السلاح، وسلكت منهج العنف. وثانيًا لم تعلن الجماعة حتى الآن وقف جرائمها وحقن الدماء. وثالثًا لأن معظم كوادرها يحاكمون فى جرائم جنائية لا يمكن الصلح بشأنها. ورابعًا لأن غالبية المصريين يرفضون مثل هذه المبادرات الخادعة التى تتزامن من نجاح جهود مكافحة الإرهاب، فيبدو أن الغرض منها إعطاؤهم هدنة لالتقاط الأنفاس، وإعادة تنظيم الصفوف. أخيرًا، أين القصاص العادل لأرواح ودماء؟.. ولو كان لدى الإخوان ذرة من مراجعة الذات والتراجع عن الخطأ، لأدركوا أنهم يزيدون عزلتهم وكراهيتهم، ويشيدون جسورًا عالية تحول دون قبولهم فى المجتمع، فلا يوجد عاقل يعادى شعبًا ويخاصم وطنًا، إلا إذا كانوا قد عقدوا العزم على اعتبار المصريين عدوهم، وأصروا على استمرار نزيف الدماء، وإزهاق الأرواح، وحتى أشد الناس جنونًا لا يمكن أن يفعل مثل المعزول مرسى الذى لا يزال يتصور أنه الرئيس الشرعى للبلاد، وقناة الجزيرة فقط هى التى ترى عشراتهم ملايين هادرة فى الشوارع والميادين، ويتخيلون أن المصريين يجلسون فى بيوتهم، ويضعون أيديهم على خدودهم انتظارًا لعودتهم.
أصحاب مبادرات الصلح يتجاهلون أن الجماعة منذ نشأتها فى الإسماعيلية سنة 1928 تتخذ العنف منهجًا وسبيلًا، ولم تعرف مصر الهدوء والاستقرار، وذاقت على أيديهم الدمار والخراب، وتجرعت أشد أنواع الكذب والخداع، فلم يستشهد منهم إخوانى واحد - مثلا - فى الحرب ضد الإنجليز فى قناة السويس، لأن المستعمر هو الذى أنشأ هذه الجماعة لتكون شوكة فى ظهر العمل الوطنى، والفدائيين المصريين، ورغم ذلك زعموا أنهم ضحوا بالشهداء والأموال، وتشهد الوثائق التاريخية أنهم لم يرسلوا مقاتلًا واحدًا إلى فلسطين، بشهادة أحمد حسين، رئيس حزب مصر الفتاة، والد مجدى وعادل حسين، والذى وصف مرشد الإخوان حسن البنا بالكذاب المنافق المخادع، وظل يردد أن الإخوان ذاهبون إلى فلسطين ولم يرسل مقاتلًا واحدًا، ولم ينفقوا مليمًا واحدًا، وبينما كان صفوت حجازى يرقص ويغنى «بالملايين على القدس رايحين»، كان رئيسه المعزول يبرم اتفاقات الغدر والخيانة لبلده، ويفتح أبواب سيناء لمئات الإرهابيين الذين جلبهم من أفغانستان والعراق واليمن، ويخوض الجيش حربًا ضارية لتطهيرها من إرهابهم.
ويعلم أصحاب مبادرات الصلح جيدًا أن تاريخ الإخوان حافل بالخيانة والخديعة، ولا يمكن الوثوق بهم أو الصلح معهم، فبعد أن تحالفوا مع الملك فاروق، وهتفوا له «الله مع الملك»، تآمروا على القصر، واغتالوا الخازندار والنقراشى، وانتهى شهر العسل باغتيال البنا، وصدور قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين، والسيناريو نفسه تكرر مع عبدالناصر الذى انضم لجماعتهم قبل الثورة، وبعد الثورة طمعوا فى سرقتها، وانقلبوا عليه، وحاولوا اغتياله فى المنشية، فضربهم بيد من حديد، وأعدم سيد قطب، وأعادهم إلى الجحور، ولم يستوعب الرئيس السادات الدرس عندما أخرجهم من السجون والمعتقلات، وتحالف معهم ظنًا بأنهم سيدعمونه ضد الناصريين والشيوعيين، وبعد سنوات قليلة خرج السادات فى خطاب علنى، معلنًا أنه أخطأ بالإفراج عنهم، لكن بعد فوات الأوان، وعلى أصوات الرصاص فى المنصة.
وخاضت مصر فى الثمانينيات والتسعينيات حربًا طويلة مع الإرهاب والإرهابيين، حربًا لا تقل شراسة وضراوة عن حرب أكتوبر، مع عدو يختبئ فى الشوارع والمقاهى والحوارى وزراعات القصب، وكان النصر للشعب، واستطاعت مصر أن تتطهر من العنف والإرهاب، ولو أدرك الإخوان هذه الدروس واستوعبوا معناها لكان من الممكن أن يعودوا للمسرح السياسى من جديد، لكنه المستحيل بعينه، فمن شاب على شىء شاب عليه.
عدد الردود 0
بواسطة:
مشمش
صالحهم السادات النتيجه ,,قتلوه وصالحهم مبارك فى صفقه سيب وانا اسيب.. والنتيجه مساهمتهم فى خلعه